مكتبة التداول

كيف نفسر الانهيار التاريخي لأسعار النفط الخام الأمريكي؟

0

صدق أو لا تصدق، يمكن تفسير الانهيار التاريخي في أسعار النفط الخام الأمريكي يوم الإثنين إلى ما دون الصفر بكلمة “عدم المرونة”.

أي أن الطلب على النفط غير مرن، ولا يستجيب بشكل كبير للتغيرات في الأسعار على المدى القصير.

حيث يُعد إغلاق بئر منتج أمراً مكلفاً لذا فإن بعض المنتجين على استعداد لمواصلة ضخ النفط الخام مؤقتاً حتى عند الخسارة.

عادةً ما يكون التخزين هو المخزن المؤقت الذي يعمل على استقرار الأسواق الغير المرنة، وإذا تجاوز العرض الطلب يذهب الفائض إلى الخزانات.

لكن الإنتاج الزائد استمر لفترة طويلة بحيث لم يعد هناك مكان تقريباً لتخزين الخام، وهو ما حدث بسبب تراجع الطلب مع أزمة فيروس كورونا.

تحطمت الأسعار إلى ما دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ حيث تسببت جائحة فيروس كورونا في انهيار الطلب العالمي، وهذا وضع البائعون في حالة الدفع للمشترين المستعدين لاستلام النفط الخام لأنه لا يوجد مكان لتخزينه.

استعادت أسعار النفط للعقد الآجل لشهر مايو بعض الخسائر لكنها بقيت في المنطقة السلبية قبل انتهاء صلاحيتها اليوم الثلاثاء، وذلك بعد أن لمست أدنى مستوى قياسي عند سالب 40.32 دولار للبرميل في الجلسة السابقة.

بينما تستمر سلسلة الانهيار مع تداول عقد شهر يونيو الذي تداول بالقرب من 11.80 دولاراً للبرميل مع هبوط ما يقارب 43% خلال جلسات اليوم.

كذلك تراجع نفط برنت أكثر من 27% خلال جلسات اليوم ليتداول عند مستوى 18.10 دولاراً للبرميل، وهو أقل مستوى يشهده منذ عام 2002.

هذا الانهيار التاريخي في أسعار النفط الخام يغلق الباب أمام انتعاش سوق الائتمان، وتراجع المستثمرين مع محاولتهم للتعامل مع أحدث ضربة للمشاعر.

حيث تراجعت سندات شركات النفط الأوروبية الكبرى بما في ذلك Total SA و Royal Dutch Shell Plc و BP Plc في منتصف التعاملات الصباحية.

أما الخطر الأكبر حالياً سيكون على المدى الطويل في حالة استمرار تلك الأزمة الصحية، وعدم التراجع عن حرب أسعار النفط الدائرة بين أكبر المنتجين مما سيكون كلاً من العرض والطلب أكثر مرونة.

يمكن أن تكون الأسعار سلبية تماماً في الأسواق الغير المرنة ويدفع البائعون للمشترين لأخذها، ولكن الرهان على سوق النفط غير المرن هي لعبة خطيرة.

فليس هناك ما يضمن بقاء أسعار الأشهر الأخيرة مرتفعة ما لم ينخفض ​​الإنتاج بشكل حاد، أو يرتفع الطلب مما سيكون هناك ضغط هبوطي قوي.

حيث لن يشتري أحد النفط الذي لا يمكنهم استخدامه على الفور إذا لم يكن لديهم مكان لتخزينه، وهذا بغض النظر عن مدى انخفاض السعر.

لذلك نوضح للمتداول بعض الأجوبة الخاصة بما يحدث حالياً بسوق النفط،  وهي العامل الأساسي بما يحدث حالياً:

ماذا يعني أسعار سلبية للنفط؟

هلكت أسعار النفط مع انهيار الطلب عليه بعد عمليات الإغلاق بسبب وباء فيروس كورونا، وحرب الأسعار بين أكبر المنتجين في العالم التي أغرقت السوق.

أيضاً مع إمتلاء مرافق التخزين التي اقتربت من قدراتها النهائية، والإيقاعات الشهرية لسوق العقود الآجلة التي تلعب دوراً في تلك التنمية المذهلة.

مع ذلك، فإن ما حدث في سوق النفط كان بمثابة تحول سلبي هائل وغير مسبوق حيث انخفض سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس تسليم شهر مايو إلى سالب 40.32 دولار للبرميل.

حيث نظراً للظروف القاسية دفعت بعض الشركات المنتجة والبائعة للنفط الدفع للمشترين نفطها، وهذا بسبب عدم توفر إمكانية لتخزين منتجها.

لماذا يدفع البائع للمشتري ليأخذ نفطه؟

بالنسبة لبعض المنتجين على المدى الطويل أنه من الأرخص أن يدفع لشراء نفطه بدلاً من وقف الإنتاج، أو أن يعثر على مكان لتخزين المنتج المتدفق خارج الأرض.

كما يشعر الكثيرون بالقلق من أن إغلاق آبارهم قد يؤدي إلى تلفها بشكل دائم مما يجعلها غير اقتصادية في المستقبل.

هناك أيضاً متداولون يشترون العقود الآجلة للنفط كمراهنة على تحركات الأسعار، وهم الذين ليس لديهم نية استلام البراميل.

وهم من قد يواجهون انخفاض حاد في الأسعار ليكونوا أمام خيار العثور على التخزين أو البيع بخسارة، وذلك بسبب وفرة النفط المتصاعدة التي جعلت مساحة التخزين شحيحة ومكلفة بشكل متزايد.

كيف حدثت هذه التخمة بالمعروض؟

إما أن يكون الوباء أو حرب الأسعار في حد ذاتها قد هزت أسواق الطاقة معاً، وانقلب هذا عليهم رأساً على عقب.

حيث عندما بدأ الفيروس ينتشر في جميع أنحاء العالم ليبدأ تآكل الطلب على النفط على مراحل وزيادة تخمة المعروض، ووضحنا هذا بمقالتنا “النفط عالق بين أزمة فيروس كورونا وتخمة المعروض في أبريل!“.

فمن جهة الوباء رأينا هذا على الإقتصاد الصيني وما أحدثة الإغلاق الإقتصادي ليتراجع معدل النمو السنوي بالربع الأول من عام 2020 إلى أقل مستوى قياسي.

والذي أدى أيضاً لتراجع الطلب على النفط الخام من أكبر مستورد في العالم وهي الصين، وذلك بسبب توقف النشاط الصناعي بسبب فيروس كورونا.

أما من جهة حرب الأسعار رأينا هذا مع السعودية وروسيا أحد أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم بعد لعبة تكسير الرؤوس.

حيث انهارت الاتفاقية التي قيدت الإنتاج وفتح كلا البلدين الصنابير على أكمل وجه، وأطلقا كميات قياسية من الخام في السوق.

ووضحنا حجم الكارثة مع حرب الأسعار للنفط وتاريخها من خلال مقالتنا “حرب النفط تاريخية، والأزمة كبرى!“.

ماذا حدث للتخزين؟

منذ أن بدأت وفرة الإنتاج وبدأت الأسعار في الانخفاض كانت مرافق التخزين تتجه نحو السعة القياسية، وقفزت مخزونات الخام في كاشينغ في أوكلاهوما.

حيث تعتبر أكبر مركز تخزين رئيسي في أمريكا ونقطة تسليم لعقد غرب تكساس الوسيط بنسبة 48% ما يقارب من 55 مليون برميل منذ نهاية فبراير حتى بداية أبريل.

أيضاً تقوم بتجميع الإمدادات على متن السفن ووصولها لمستويات كبيرة، والذي وسع التفكير في خيارات إبداعية أخرى مثل تخزين النفط على متن ناقلات السكك الحديدية.

سعى الرئيس “دونالد ترامب” لمساعدة شركات النفط الأمريكية من الأسعار المنخفضة القياسية، وقال أنه يريد إضافة ما يصل إلى 75 مليون برميل من النفط إلى احتياطي البترول الاستراتيجي في البلاد.

مستفيداً من انخفاض الأسعار القياسية للخام، وأنه أيضاً سينظر في حظر واردات الخام من المملكة العربية السعودية.

بعد أن بلغت صادرات المملكة العربية السعودية من النفط الخام هذا الشهر حوالي 9.7 مليون برميل في اليوم حتى 16 أبريل.

حيث أن المملكة تحافظ على شحنات عالية قبل بدء تخفيضات “أوبك +” الجديدة في مايو، وهذا الإنتاج شهد زيادة كبيرة مقارنة بمقدار 6.9 مليون برميل في اليوم خلال نفس الفترة من مارس.

كما تتطلع إدارة “ترامب” التي تشعر بالقلق من التأثيرات المحتملة المترتبة على إفلاس النفط الأمريكي، وحدوث هذه الوفرة بعقود نفط مايو، وتأثيره على العقد الجديد في يونيو

مما يزيد الضغط أيضاً على حفارات النفط الصخري الأمريكي لخفض الإنتاج مع إمتلاء المخزون، وإلا لن يكون هناك سيناريو واحد، وهو الإفلاس مع استمرار انخفاض الأسعار لتلك المستويات.

حيث تراجعت معدلات الحفارات للنفط الصخري الأمريكي بشكل كبير من منتصف مارس ما يقارب نسبة الـ 36%.

ماذا حدث لإتفاق “أوبك+”؟

نعم تم التوصل إلى إتفاق تاريخي من قِبل أوبك وحلفائها مع وروسيا والولايات المتحدة ومجموعة الدول العشرين، ولكن اتفاقهم لخفض الإنتاج الكلي ما يقارب بنسبة 10% سوف يبدأ سريانه في بداية شهر مايو.

أصبحت الأسعار في مستويات سلبية لتستقر في الزوايا الغامضة، وهو ما يضع تلك الإتفاقية ونسبة خفض الإنتاج تحت الشك، أي أنها قليلة جداً ومتأخرة أيضاً.

أيضاً يبدو أنه حتى لو نفّذ أعضاء “أوبك+” بالكامل حصتهم من التخفيضات المتفق عليها، وهو افتراض هش نظراً لأن الكثيرين يميلون إلى الغش فسيظلون ينتجون أكثر مما يتطلبه السوق في الربع الثاني.

ووفقاً لتقرير شهري صادر عن أوبك سيكون هناك استهلاك ما يقل قليلاً عن 20 مليون برميل يومياً في المتوسط ​​من منظمة البلدان المصدرة للنفط في الربع الثاني، وهو ما يعتبر أدنى مستوى في 30 عاماً.

في حين خفضت مجموعة أوبك توقعات الطلب العالمي على النفط هذا العام إلا أن تقديراتها لا تزال أكثر تفاؤلاً بكثير من تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

حيث توقعت أوبك انكماش الطلب العالمي على النفط بمقدار 6.8 مليون برميل يومياً في عام 2020، وبينما توقعت وكالة الطاقة الدولية انخفاضاً يزيد قليلاً عن 9 ملايين برميل يومياً.

من هنا نوضح بأن الوضع الإقتصادي العالمي الحالي مع استمرار جائحة فيروس كورونا يضرب بعرض الحائط تلك الإتفاقية، وذلك بسبب ان الإغلاق الإقتصادي يقتل الطلب على النفط.

وقد لا نرى ارتداد سريع بالأسعار في الربع الثاني إلا مع عودة الطلب بشكل كبير، والتحرك للزيادة من مستويات خفض الإنتاج والإلتزام بشكل جماعي.

Leave A Reply

Your email address will not be published.