مكتبة التداول

حرب النفط تاريخية، والأزمة كبرى!

0

بينما يتخذ صانعو السياسات في جميع أنحاء العالم خطوات غير مسبوقة لدعم اقتصاداتهم مع تداعيات وباء فيروس كورونا، انخفض مؤشر “MSCI” للأسهم العالمية إلى أضعف مستوى له منذ عام 2016، وهو ما يقارب نسبة 30٪ مع أزمة فيروس كورونا.

حيث فشلت خطة التحفيز العالمية وأيضاً بعد تحرك الولايات المتحدة الأمريكية مع دعم قد يتجاوز 1.2 تريليون دولار لتهدئة المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية من تفشي فيروس كورونا.

الأسهم العالمية تشهد خسائر تاريخية مع أزمة وباء عالمية منذ عقودإن الانهيار في الطلب على النفط والإمدادات المتزامنة مجاناً للجميع من قبل أكبر المنتجين في العالم يواصلان دفع الأسعار للهبوط.

ووضحنا هذا النزاع وإنهيار الإتفاق في مقالتنا “انهيار أسعار النفط بين الصراع الروسي السعودي!“.

النفط ينزف!

إنهارت أسعار النفط الخام بجلسات اليوم لأقل مستوى في ما يقرب من 18 عاماً حيث يهدد وباء فيروس كورونا الاقتصاد العالمي نحو الركود مما يضر بالطلب على النفط تماماً كما ينفجر العرض.

تراجعت أسعار نفط برنت إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وهي على مسافة قريبة من أدنى مستوى لها خلال الركود الكبير الأخير من 16-2014.

مع ذلك، تشهد أسعار النفط تراجعاً بأكثر من نسبة 57٪ هذا العام في ظل أزمة فيروس كورونا وصراع كبار المنتجين.

تخطط المملكة العربية السعودية حالياً لتعزيز صادرات النفط أكثر في أبريل لتصل إلى رقم قياسي يزيد عن 12 ملايين برميل في اليوم، وهذا مع قيام المملكة باستغلال حقل جديد.

حيث أن المملكة العربية السعودية مصممة على الاستمرار في سياسة ضخ النفط بعد انهيار تحالفها مع روسيا.

يهدد تدفق الخام السعودي إلى السوق بخلق فائض نفطي غير مسبوق يمكن أن يؤثر على الأسعار لفترة طويلة.

هذا إلى جانب تراجع الطلب حيث تمنع أكبر اقتصادات العالم الناس من السفر والإنفاق، وذلك بسبب تفشي وباء فيروس كورونا العالمي.

تاريخ الحرب النفطية منذ عقود!

شنت المملكة العربية السعودية أربع حروب على أسعار النفط بما في ذلك الحرب الحالية، وهذا على مدى السنوات الـ 35 الماضية.

حيث استمرت جميعها لمدة عام على الأقل، وانخفضت فيها أسعار النفط بنسبة 50٪ على الأقل.

لكن هذه المرة قد تكون مختلفة بالطبع حيث لم تكن هناك صدمة طلب كبيرة جداً وفي نفس الوقت هناك إنفجار بالعرض.

لعبة حرب النفط الأولى!

استمرت حرب الأسعار الأولى لمدة 13 شهراً، حيث بدأت في يونيو 1985، وفي اجتماع الطائف بالمملكة العربية السعودية حذر الملك “فهد” دول “أوبك” من أن بلاده لن تتحمل بعد الآن عبء تخفيضات الإنتاج وحدها.

ففي نوفمبر انتقلت السعودية لإغراق السوق، وانخفض النفط من 31 دولاراً للبرميل إلى 9.75 دولاراً للبرميل في ستة أشهر حيث لم يأتي السلام حتى ديسمبر 1986.

لعبة حرب النفط الثانية!

واستمرت حرب الأسعار الثانية كانت لمدة 17 شهراً بدأت في نوفمبر 1997 في اجتماع في جاكارتا بإندونيسيا.

عززت المملكة العربية السعودية الإنتاج لمحاربة فنزويلا، والتي كانت تستحوذ بسرعة على حصتها في السوق الأمريكية المربحة.

لكن ما لم تتوقعه السعودية هو انهيار الطلب وسط أزمة الأسواق الناشئة وأيضاً مع شتاء دافئ.

حيث انخفض النفط من حوالي 20 دولاراً للبرميل إلى أقل من 10 دولارات، ولم يأتي السلام حتى أبريل 1999.

لعبة حرب النفط الثالثة!

أما حرب الأسعار الثالثة فاستمرت لمدة 22 شهراً وبدأت في نوفمبر 2014 باجتماع في فيينا، والتي كانت بسبب الدول التي تعمل بشكل حر بالإنتاج بالإضافة إلى ثورة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

حيث تعبت دول تحالف منظمة “أوبك”، وتبنت المملكة العربية السعودية سياسة ضخ الإنتاج حسب الرغبة.

مما أدى لإنهيار أسعار النفط من حوالي 100 دولار للبرميل إلى 27.88 دولار. ولم يأت السلام حتى سبتمبر 2016 حيث اتخذت السعودية منعطفاً وانضمت روسيا إلى التخفيضات.

لعبة حرب النفط عام 2020!

هذه المرة كانت المعركة أكثر وحشية منذ البداية في ظل أزمة صحية عالمية، حيث انهارت الأسعار بأكثر من 57٪ في أيام، وهذا مقارنة بالحروب الماضية عندما تراجعت الأسعار ببطئ على مدى شهور.

وإذا كان التاريخ هو دليل، فستطول المعركة، لكنها الآن ستكون مختلفة في ظل أزمة عالمية مع وباء فيروس كورونا.

ويجعل هذا المستثمرين في حيرة السؤال، إلى متى يمكن أن تستمر حرب أسعار النفط الشرسة بين السعودية وروسيا؟

قد تعمل تكتيكات الصدمة والرعب الجديدة لعبة ضغط كبيرة على الدول المتنازعة لتقصير القتال بسبب إلحاق الكثير من الألم. وذلك بسرعة كبيرة، مما يتعين على الجميع الحضور إلى الطاولة في وقت أقرب.

الأزمة كبرى!

إن أكبر شركات الطاقة العالمية توزع على المستثمرين عوائد أرباح كبيرة منذ عقود، وهذا بالرغم من الأزمات السابقة.

لكن الأزمة الحالية لا تشبه سابقتها في ظل أزمة وباء عالمية، وحرب تجارية، وإنتاج النفط الصخري الأمريكي، والعقوبات الدولية على بعض الدول المنتجة.

مع ذلك، قد لا توحي العوائد مع هذه المستويات إلا بشيء واحد، وهو إنه سيكون هناك خطر كبير بألا يحصل المساهمون على الأموال التي وعدوا بها على مدى عقود.

حيث تدفع شركة “Exxon Mobil Corp” لعقود من الزمن أرباح تقدر بنسبة 10٪ للمستثمرين، والتي تعد واحدة من أكثر الأسهم الممتازة في السوق.

كما تقدم شركة “BP Plc” متعددة الجنسيات، والتي يقع مقرها في لندن إنجلترا، عائد أرباح بنسبة 12.4٪، وكذلك تقدم شركة “Total” الفرنسية عائد أرباح بنسبة 11٪.

أما بالنسبة لشركة “Royal Dutch Shell Plc” الهولندية العملاقة، فتوزع عائد أرباح سنوية تعادل 14٪ من قيمة سعر سهمها الحالي، وهي لم تقطع مدفوعاتها للمساهمين منذ الحرب العالمية الثانية.

كانت تلك الصناعة هي الجزء الأسوأ أداءً في سوق الأسهم حيث يخشى المستثمرون حالياً من قدرة تلك الشركات على التنقل في تحول الطاقة.

بينما الوضع الراهن يبدو صعباً للغاية بالنسبة لمعظم شركات النفط الكبرى، وإذا افترضنا أن الأسعار ستستمر عند هذه المستويات لما يقارب مدة ستة أو تسعة أشهر.

قد يؤدي لضغط هائل على شركات النفط الكبرى، ولن يكون أمامهم غير طرح أسئلة جدية حول استدامة تلك الأرباح.

مما قد يسبب خسائر مستقبلية بسبب عدم ثقة المستثمرين، وهذا بعد أن استثمروا ما يكفي في استمرار أعمالهم والوفاء بالتزاماتهم تجاه المساهمين.

النظرة الفنية

ما يخص النظرة الفنية لأسعار النفط الخام، قد وضحنا في مقالتنا المشار إليها بالأعلى أن الأسعار قد تهبط لمستوى 26 دولار للبرميل، وهو ما تحقق.

هذا قد يدفع بالأسعار لمستويات 20 دولاراً للبرميل، أما ما دون هذا المستوى سيكون عند نطاق 16 دولاراً للبرميل، ولذلك سوف نعيد كتابة ما ذكرناه في مقالتنا السابقة.

ووفقاً لنظرتنا الفنية السابقة، قد يظل نطاق التداول للنفط الخام ضمن نطاق سلبي ما دون مستوى 42 دولاراً للبرميل، وهذا في ظل الصراع القائم على زيادة الإنتاج ومخاطر استمرار تفشي فيروس كورونا.

حيث يواجه السوق مستوى دعماً هاماً حالياً عند 26 دولار للبرميل قرب قاع فبراير 2016. وما دون هذا المستوى يعني المزيد من الخسائر نحو مناطق 20 دولاراً للبرميل.

بينما للعودة لبعض المستويات الإيجابية لتعويض الخسائر منذ نهاية الأسبوع الماضي تحتاج الأسعار للحفاظ على إغلاق يومي أعلى مستوى 35.30 دولار للبرميل، وهو ما يدفع الأسعار نحو مناطق 42 دولار للبرميل من جديد.

على صعيد آخر، يتوقع الخبراء أن “أوبك” وروسيا قد بدأتا حرب أسعار النفط التي قد تدفع النفط الخام إلى ما دون 20 دولاراً للبرميل.

حيث إذا انخفضت الأسعار إلى 20 دولاراً للبرميل فقد يكون هناك حل وسط في غضون ثلاثة أشهر، ولكن إذا بقيت في الأربعينيات فقد تستغرق التسوية ما يصل إلى عام.

روسيا يمكنها تحمل أسعار النفط بنطاق 40 دولاراً للبرميل، ولكن ليس في نطاق العشرينات.

بينما سوف تتضرر “أوبك” بشدة من الأسعار التي تقل عن 50 دولاراً للبرميل، وسيكون هناك حافزاً قوياً للتوصل إلى حل وسط من جميع الأطراف.

وقد تعمق أسعار النفط الانخفاض وتفرض تعديلات على العرض والطلب لموازنة السوق، وهذا إذا لم تعد “أوبك” مستعدة لموازنة السوق.

Leave A Reply

Your email address will not be published.