بعد أن سجلت أسعار الذهب مستويات قياسية خلال شهر نوفمبر 2023 وصولاً إلى المستوى 2146.60 دولار للأونصة، أصبحت الأسواق تستعد للمزيد من المكاسب خلال العام 2024 في انتظار محفزات الذهب سواء من الناحية الاقتصادية أو الجيوسياسية، فكيف سيكون مسار الذهب خلال العام الجاري؟
كانت مكاسب الذهب معتمدة في الأساس خلال الفترة الأخيرة على التوترات الجيوسياسية واستمرار تراجع معدلات التضخم التي أدت إلى تسعير الأسواق إنهاء وتيرة التشديد النقدي وبالتالي تقليل الضغوط البيعية على الذهب.
ويوضح الرسم البياني التالي مسار أسعار الذهب منذ 2016 ويوضح مدى المكاسب التي حققها مستفيداً من السياسات التسهيلية المكثفة التي اتبعتها البنوك المركزية بعد جائحة كوفيد واتجاه المستثمرين إلى التحوط من معدلات التضخم المرتفعة خلال الفترة من نهاية 2021 وحتى الآن.
الأسواق تتمركز بناء على توقعات السياسة النقدية
وفي الوقت الحالي تستغل الأسواق أي تراجع في أسعار الذهب لبناء تمركزات شرائية مع تسعير الأسواق أن الخطوة التالية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هي خفض الفائدة وذلك بعد إظهار البيانات استمرار تباطؤ ارتفاع معدلات التضخم.
وحسب توقعات أداة FED Watch tool تبلغ احتمالات خفض الفائدة 4 مرات هذا العام النسبة 77%.
هل يصبح الذهب بديلاً جيداً للاستثمارات الحالية؟
مع تسعير الأسواق اتجاه الفيدرالي الأمريكي لخفض معدلات الفائدة، تراجعت عوائد السندات الآجلة لمدة عامين من النسبة 5.24% في 19 أكتوبر 2023 إلى النسبة الحالية 4.47%. ومن المتوقع أن تشهد المزيد من التراجع في حال تم البدء في خفض الفائدة وهذا يدعم جاذبية الذهب بسبب انخفاض العوائد.
إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تؤدي معدلات الفائدة المرتفعة إلى زيادة الضغوط على الانفاق الاستهلاكي الذي يعتمد عليه النمو الاقتصادي وبالتالي قد لا تدر الاستثمارات في أسواق الأسهم عوائد جيدة. وقد يستفيد الذهب من بحث تلك الأموال على بدائل أخرى غير أسواق الأسهم.
التوترات الجيوسياسة تزيد من بريق الذهب
يستفيد الذهب من طلبات الشراء للملاذات الآمنة وسط حالة العزوف عن المخاطرة التي تصاحب زيادة التوترات الجيوسياسة أو الأزمات الاقتصادية، فقد شهدنا ارتفاع أسعار الذهب لأول قمة تاريخية له بعد جائحة كوفيد وصولاً إلى المستوى 2075$ في أغسطس 2020 وتليها القمة التي سجلها في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية عند المستوى 2070$ في مارس 2022. ثم أصبح من السهل الوصول إلى تلك القمم بل وتجاوزها مع مخاوف الأسواق من اتساع رقعة حرب جيش الاحتلال الاسرائيلي على غزة، حيث أن انخراط المزيد من الأطراف في هذا الصراع سوف يؤدي إلى المزيد من طلبات الشراء على الذهب.
وحسب الاحصاءات الأخيرة، فقد ارتفعت التدفقات المالية على الذهب بقيمة 1.5 مليار دولار في صندوق الاستثمارات SPDR Gold TrustK والجدير بالملاحظة أن هذا الارتفاع جاء لينهي سلسة تراجعات متتالية كما حقق مستوى قياسي جديد كما هو موضح على الرسم البياني.
السيناريوهات المتوقعة للذهب في 2024
من المتوقع أن تسجل المعادن النفيسة ارتفاعاً جيداً خلال 2024، ولا سيما الذهب الذي سيستفيد من سياسة الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة خلال الشهور المقبلة في وقت باتت فيه الأوضاع الجيوسياسية على صفيح ساخن.
ويتوقع بنك اوف أمريكا Bank of America أن تسجل أونصة الذهب هذا العام المستوى 2400 دولار، بينما يتوقع بنك تي دي اس TDS أن تستقر أسعار الذهب قرابة المستوى 2081 دولار طوال عام 2024 على أن تصل إلى المستوى 2200$ خلال الربع الثاني من العام الجاري.
ويتوقع بنك جي بي مورجان JPMorgan أن تبلغ أسعار الذهب المستوى 2175$ هذا العام في حين يتوقع مورجان ستانلي أن يبلغ متوسط الأسعار 2019$ للأونصة.
أما القمة المتوقعة للذهب هذا العام يتوقع بنك UBS وصول الأسعار إلى 2150$.
النظرة الفنية
سجلت أسعار الذهب تراجعًا قويًا بعد بيانات التضخم التي صدرت يوم 13 فبراير، والتي أظهرت تباطؤ في معدلات التضخم ولكن أقل من المتوقع، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعًا بنسبة 3.1% مقابل النسبة السابقة عند 3.4% على أساس سنوي. ولكنه جاء أعلى من التوقعات التي أشارت إلى 2.9% مما يشير إلى أن الفيدرالي الأمريكي قد يبقي على معدلات الفائدة مرتفعة لفترة أطول من الوقت.
فقد ارتفعت احتمالات تثبيت الفائدة في شهر مارس وتراجعت احتمالات خفض الفائدة في مايو إلى 59.8%.
من المتوقع أن يتعرض الذهب للمزيد من الضغوط البيعية بعد بيانات التضخم وصولًا إلى مستوى الدعم التالي 1977، وفي حال تكون قاع عند هذا النطاق فمن المتوقع أن يستأنف الذهب ارتفاعه من جديد إلى المستويات 2000 / 2040 /2070 دولار للأونصة.
أما في حال تم كسر المستوى 1977، فمن المتوقع أن يواصل التراجع إلى مستوى الدعم التالي قرابة 1960 المتمثل في المتوسط المتحرك اليومي 200.
ابدأ بتداول الذهب الآن بأفضل الفروقات السعرية |
