مكتبة التداول

توجه البنك المركزي في ظل التضخم وأرقام مؤشر أسعار المستهلكين

0

استناداً إلى العمليات الحسابية، يمكن القول إن معدل التضخم المرتفع في المملكة المتحدة سوف ينخفض الشهر المقبل. وعادة، لا يمكنك تحقيق هذه الأنواع من التوقعات المؤكدة في الأسواق. ولكن هناك ظاهرة ضمنية في أرقام مؤشر أسعار المستهلك والتي سوف تخلف تأثيراً مهماً هذا العام. وبالنسبة للمتداولين الذين يحاولون التفكير في الكيفية التي قد تدفع بها البنوك المركزية تحركات العملات، فإن فهم هذه الحسابات بعينها سوف يكون مفيداً للغاية. 

لقد أصبحت المملكة المتحدة دولة خارجة عن المألوف بين الاقتصادات الكبرى مع تضخمها الذي لم يتراجع عن خانة العشرات حتى الآن. وعليه فإن ظاهرة حساب مؤشر أسعار المستهلك هذه تعد أكثر وضوحاً في المملكة، مما يسهل دراسة الحالة. ففهم التأثير المبالغ فيه في المملكة المتحدة سوف يسهل من اكتشافه في بلدان أخرى حيث لا يبدو التأثير واضحاً. وبالنظر إلى الطبيعة العالمية لاتجاهات التضخم الأخيرة، فإن هذا ينطبق إلى حد كبير على جميع العملات الرئيسية، وبالطبع الين واليوان من الاستثناءات البارزة. 

ماذا يعني “تأثير مستوى الأساس“؟

في العادة يتتبع المستثمرون والسوق التغير السنوي الحاصل في مؤشر أسعار المستهلكين، وهو ما نسميه التضخم. والذي لا يصدر كرقم مباشر، وإنما يكون نتيجة عملية حسابية تستند إلى البيانات الأساسية. ففي كل شهر يحسب قسم الإحصاء الحكومي في المملكة المتحدة، وهو مكتب الإحصاء الوطني تكاليف سلة من السلع والخدمات، ويقيمها في مؤشر. وهذا هو جزء “المؤشر/ المعيار” من مؤشر أسعار المستهلكين. 

ثم يحسب الفرق بين كل شهر في شكل نسبة مئوية، مما يعطينا معدل التضخم. إلى هنا الأمر بسيط وواضح، إذاً أين تكمن المشكلة؟ المشكلة تكمن في المقارنة. حيث أن معدل التضخم يكون نتاج مقارنة أرقام المؤشر الشهر الماضي بأرقام نفس الشهر من العام السابق. أي أن السنة السابقة هي الأساس” الذي يقارن به. وإذا كان هناك تغيير جوهري في القاعدة، فسيؤثر بدوره على كيفية حساب معدل التضخم للشهر الحالي. وهذا هو التأثير الذي يمكن أن يخلفه مستوى الأساس، أي تأثير حالة التضخم قبل عام على حساب التضخم الحالي. 

كيف يؤثر هذا على التضخم؟

إذا ما اتخذنا المملكة المتحدة كمثال، سنجد أن مؤشر أسعار المستهلكين في مارس من عام ٢٠٢٢، ولننتبه إنه مؤشر وليس معدل، قد سجل ١١٧.١. ومن ثم سجل قفزة ووصل إلى ١٢٠ في أبريل من نفس العام، بزيادة قدرها ٢.٥٪. وبالانتقال لمارس ٢٠٢٣، وهذه هي البيانات التي حصلنا عليها للتو، سجل مؤشر أسعار المستهلك الآن ١٢٨.٩، أي أن الفرق بين المؤشر الآن وما كان عليه قبل عام ١٠.١٪. لذلك، تم تسجيل معدل التضخم، أو التغير في مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة ١٠.١٪. 

ولكي يبقى معدل التضخم عند ١٠.١٪ للشهر المقبل، فيجب أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة ٢.٥٪ أي أن يسجل أكثر من ١٣٢. وبكل بساطة لن يسجل المؤشر هذا الرقم، كون أن التغيير الشهري بنسبة ٢.٥٪ في مؤشر أسعار المستهلكين كان هو الأكبر على الإطلاق، وكان مدفوعًا بالتغيير المفاجئ في أسعار الطاقة من قبل مكتب أسواق الغاز والكهرباء (Ofgem). وعلى هذا، ولأن القاعدة المستخدمة لحساب التضخم في الشهر المقبل سوف تكون أعلى، فإن التضخم سوف يكون أقل بالمقارنة. 

والأهم من ذلك، ماذا يعني هذا بالنسبة للعملات؟ 

كان التغيير في مؤشر أسعار المستهلكين كبيراً للغاية خلال الجزء الأول من العام الماضي. وفي الشهرين المقبلين، وسوف تستند المقارنة لحساب التضخم على قواعد أعلى بشكل متزايد. وهو ما من شأنه أن يدفع التضخم إلى الانخفاض رياضياً، حتى برغم أن معدل التضخم الحالي قد يكون ثابتاً أو في واقع الأمر في ارتفاع. وطالما لم تكن تتزايد بوتيرة أسرع مما كانت عليه في العام الماضي، فسوف تبدو وكأنها تتباطأ. 

وهذا الأمر لا يخفى علي محافظو البنوك المركزية، ومن المرجح أن يعدلوا السياسة النقدية وفقاً لذلك. وهذا يعني أنه على الرغم من أن التضخم ما زال مرتفعاً، إلا أنها قد لا تخضع لنفس القدر من الضغوط التي قد تحملها على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة. لأن التضخم سوف ينخفض على أية حال، وبوسعهم أن يزعموا أن ذلك كان بفضل سياستهم. وسوف يكون هذا الموقف أكثر وضوحا في العملات التي شهدت تحركات كبيرة في التضخم العام الماضي، كالمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى هذا يحذر المتداولون من أن تفاجئ هذه البنوك المركزية الأسواق وألا ترفع الفائدة بقدر ما هو متوقع من أرقام التضخم. 

التقارير المترجمة من مدونة أوربكس الإنجليزية

تداول الجنيه الإسترليني بفروقات سعرية تصل إلى صفر!

Leave A Reply

Your email address will not be published.