مكتبة التداول

اليوان الصيني والحرب التجارية!

0

تراجع اليوان الصيني إلى أضعف مستوى منذ مايو 2008 مقترباً من المستوى الرئيسي البالغ 7 للدولار, وهذا في ظل تخفيض البنك المركزي عملياته اليومية وعلامات على أن حرباً تجارية مع الولايات المتحدة قد تتصاعد.

لم يصل الدولار الأمريكي مقابل اليوان الصيني إلى هذا المستوى منذ الأزمة المالية العالمية, وجاء ذلك بعد أن أضعف بنك الشعب الصيني سعره للمعدل المرجعي اليومي الذي يقيد تحركات اليوان بـ 2٪ على كلا الجانبين إلى أدنى مستوى له في أكثر من عقد من الزمان.

  • اليوان الصيني يتراجع عند أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ الأزمة العالمية في 2008

تراجعت العملة الصينية حوالي 9% على مدى الأشهر الستة الماضية مما أثار جدلاً حول ما إذا كانت ستنخفض إلى 7 دولارات أم لا, ومن غير المحتمل أن يكون هذا التحرك مستحيلاً مع إستمرار ميزان المدفوعات الدولي للصين وتحركات صانعي السياسة لتحقيق الإستقرار في السوق.

 

تعرض اليوان لضغوط متجددة حيث قام بنك الشعب الصيني بتخفيض نسبة الإحتياط الخاص به للمرة الرابعة هذا العام, ويتحقق العائد بين السندات الحكومية الصينية والأمريكية بالقرب من أدنى مستوياته منذ أبريل 2011. كما تظهر مخاطر تدفقات رأس المال الخارجة الطلب على العملات الأجنبية في إرتفاع في سبتمبر إلى أعلى مستوى منذ أواخر عام 2016.

 

تحركات البنك الشعبي الصيني!

في حين أبقت الصين قيوداً صارمة على تدفقات رأس المال إلى الخارج فقد فتحت أسواقها المحلية بشكل مطرد أمام المستثمرين الأجانب. بما في ذلك إستخدام عقود النفط الآجلة باليوان, والتي تم طرحها في شنغهاي في وقت سابق من هذا العام.

بينما في مؤتمر صحفي الجمعة الماضية قال نائب حاكم البنك الشعبي الصيني إن البنك المركزي سيتخذ إجراءات إحترازية شاملة لتحقيق إستقرار التوقعات في سوق الصرف الأجنبي, وأنه واثق من أن اليوان سيبقى ثابتاً بشكل أساسي عند مستويات معقولة.

إلا أن أغلب الإقتصاديين لا يتوقعون ذلك مع بلوغ الدولار الأمريكي أعلى مستويات لهذا العام, ويرون أن البنك الشعبي الصيني مصمم على الحفاظ على قيمة اليوان عند سبعة إلى واحد أو أكثر.

لكن لا يحمل هذا الحاجز أهمية تقنية تذكر, ولكن قيمته النفسية وإهتمام البنك الشعبي الصيني بالمحافظة على هذا الخط هائل.  فأن الواقع هناك القليل من القلق مع إرتفاع الدين الخارجي للصين بسرعة أكبر قليلاً في العامين الماضيين لكنه لا يزال منخفضاً من حيث القيمة المطلقة والنسبية.

يأتي ضعف اليوان مقابل الدولار تماشياً مع العديد من العملات الأخرى, وخاصة العملات الناشئة كما يخوض بنك الشعب الصيني معركة قاسية ضد هذا المد الذي يأتي في ظل تشديد السياسة النقدية من الإحتياطي الفدرالي الأمريكي وزيادة أسعار الفائدة.

  • إرتفاع الودائع بالعملة الأجنبية في الصين خلال السنوات القليلة الماضية

تخطط الصين لتعميق أسواق الصرف الأجنبي لتشجيع كل من اللاعبين المحليين والأجانب على التجارة, وإقتراض عملات خارجية أكثر في أحدث خطوة نحو تعزيز دور عالمي لنظامها المالي. حيث يخطط نظام الصين لتبادل العملات الأجنبية CFETS, وهو ذراع البنك الشعبي الصيني لتطوير مقايضات تشمل العملات الأجنبية مثل اليورو والدولار ومقايضات أسعار صرف العملات الأجنبية.

كما يهدف نظام الصين لتبادل العملات الأجنبية أيضاً إلى بناء معدلات مرجعية في الأسواق مقابل الإقتراض بالدولار, وقد يشجع ذلك الشركات على السعي للحصول على تمويل بالدولار في الداخل بدلاً من الخارج للإستفادة من تجمع العملة الأمريكية في الصين.

وبلغت قيمة الإقتراض من العملات الأجنبية 36 مليار دولار, ويقاس بالمتوسط ​​اليومي لحجم المعاملات خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بزيادة 47% عن الفترة نفسها من العام الماضي حسبما أفادت “سي اف إي تي اس” نظام الصين لتبادل العملات الأجنبية.

فقد جمعت المؤسسات الصينية المحلية مئات العملات التي تقدر بمليارات الدولارات, ورعاية الودائع من جانب الشركات والأسر وإصدار سندات بالعملات الأجنبية.

 

الحرب التجارية مستمرة!

فرضت الولايات المتحدة هذا العام بالفعل رسوم جمركية على السلع الصينية بقيمة 250 مليار دولار, ومن المتوقع أن ترتفع الرسوم الجمركية على الواردات التي تبلغ 200 مليار دولار والتي أصبحت حيز التنفيذ في سبتمبر إلى 25٪ ببداية في 1 يناير.

بينما فرضت الصين رسوم على أغلب واردتها للولايات المتحدة الأمريكية في 2017 بمقدار 110 مليار دولار. كما هدد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على كل واردات السلع المتبقية من الصين, والتي بلغت قيمتها العام الماضي 505 مليار دولار.

  • التعريفات الجمركية المفروضة على البضائع الصينية وتوضيح للنسب والفترات التي يتم تفعيلها عليها

حيث محت أغلب الأسهم العالمية مكاسبها جزئياً هذا العام بسبب القلق من تصاعد الحرب التجارية بين أكبر إقتصادين في العالم, وذلك كما وضحنا في مقالتنا السابقة (أسواق الأسهم العالمية بدأت تستوعب أثار الحرب التجارية).

وواصلت الأسهم الصينية مكاسبها بعد أن قال منظموا السوق إنهم سيشجعون الصناديق طويلة الأجل للإستثمار في الأسهم في حين إنخفض اليوان إلى أضعف مستوى له منذ مايو 2008.

إرتفع مؤشر شنغهاي المركب 1.3% خلال الجلسات الأسيوية, والذي جاء في وقت تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صفقة تجارية, وإنخفض سعر اليوان مقابل الدولار بعد أن وضع البنك الشعبي الصيني مؤشره اليومي على المؤشر الأضعف منذ أكثر من عشر سنوات.

  • إرتفاع مؤشر شنغهاي مدعوماً بتصريحات ترامب بالإضافة لتحركات لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية

أتت تلك الإرتفاعات بعد تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب بإن الولايات المتحدة يمكن أن تحصل على “صفقة كبيرة” على التجارة مع الصين, وبعد فترة وجيزة قالت لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية أنها ستزيد من سيولة أسواق الأسهم وتخفض الحواجز التجارية وتشجع عمليات إعادة الشراء والإندماج والإستثمار.

إن الخلاف التجاري والضعف في اليوان هما السببان الرئيسيان وراء خسارة سوق الأسهم الصينية أكثر من 3 تريليون دولار منذ أواخر يناير, وما يضع مؤشر شانغهاي المركب كأسوأ مؤشر أداءاً في العالم.

أما ما يخص أخر التقارير بما يخص الخلاف التجاري مازالت الأسهم الصينية تحت ضغط التراجع من جديد نحو الإنخفاض, وذلك بعد أن ذكرت وكالات إخبارية أن الولايات المتحدة تستعد للإعلان عن المزيد من الرسوم الجمركية إذا فشل الإجتماع بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الصيني شى جين بينغ في نوفمبر في بوينس آيرس من تحقيق تقدم.

هذا على الرغم من ثناء ترامب في مقابلة مع فوكس نيوز في وقت متأخر الإثنين, بأنه يعتقد إن الولايات المتحدة يمكن أن تحصل على “صفقة كبيرة” مع الصين, وأنهم سيذلون الكثير من الجهد مع الصين, ولكن وصف في تصريحاته أنهم يستنزفوا الولايات المتحدة في حين أنه لا يعتقد أن الصين “مستعدة” بعد!

وذكرت وكالة بلومبرغ الإخبارية أن الولايات المتحدة تستعد للإعلان عن الرسوم الجمركية في أوائل ديسمبر على جميع الواردات الصينية المتبقية إذا فشلت المحادثات الشهر المقبل في إجتماع مجموعة العشرين من تخفيف حدة الحرب التجارية, وبهذا ستطبق القائمة على الواردات التي تبلغ حوالي 267 مليار دولار بإستخدام أرقام الواردات في العام الماضي.

Leave A Reply

Your email address will not be published.