مكتبة التداول

بيانات الولايات المتحدة والحديث عن تراجع التضخم

0

بعد مرور أشهر على تجاوز معدل التضخم المستوى المستهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي، أظهرت أحدث البيانات الأخيرة تغير الاتجاه. إذ بينت أرقام مؤشر أسعار المستهلكين الشهرية الأمريكية الصادرة عن شهر ديسمبر انخفاضاً في الأسعار، وكان هذا الانخفاض مدعوماً بأسعار الطاقة إلى حد كبير. كما جاءت نتائج أسعار المنتجين بالأمس أكثر سلبية بكثير مما كان متوقعاً. 

وإذا كان ارتفاع التضخم يعد أمراً سيئاً، إذن ألا يعد نقيض التضخم أمراً جيداً؟ عادة ما يكون نقص الأمر السلبي إيجابي، ولكن ليس في كل الأحوال، وهذا ما ينطبق على نقيض التضخم. فعكس التضخم هو الانكماش، وقد لا يقل سوءاً بالنسبة للاقتصاد عن التضخم. خاصة في حالة الولايات المتحدة، حيث لم يضطر الاحتياطي الفيدرالي أبداً أن يتعامل مع التضخم المفرط. صحيح أن الولايات المتحدة واجهت تضخم مرتفع، لكن معدلات التضخم الجامحة كتلك التي شهدتها أوروبا في القرن الماضي لم تحدث على سبيل المثال. وما اضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي التعامل معه حتى تخلت الولايات المتحدة معيار الذهب للحد من التضخم ومنع الدول الأجنبية من إثقال كاهل النظام باسترداد دولاراتها مقابل الذهب، كان موجات من الانكماش. وعلى هذا الأساس، يميل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى القلق بشأن الانكماش أكثر من قلقه من التضخم. 

إشارات مقلقة 

لا يخفى أن الانكماش يشكل إشارة تحذير بالغة الأهمية بالنسبة للمتداولين. فزيادة النشاط الاقتصادي عادة ما يعني ارتفاع الأسعار، والنقيض من ذلك هو تباطؤ النشاط الاقتصادي والذي يُترجم عادةً إلى انكماش. وبالاطلاع علي بيانات الأمس الصادرة، نجد أن مؤشر أسعار المنتجين قد جاء منكمشاً بشكل مفاجئ، ومتزامناً مع انخفاض مفاجئ في مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي. وصحيح إنه كان من المتوقع أن تكون نتائج البيانات سلبية، لكن الأرقام جاءت سلبية بأكثر مما كان متوقعاً. 

ومن المتوقع حدوث سياق مماثل في البيانات المرتقب صدورها في وقت لاحق من اليوم وغداً، فيما يتعلق بأكبر مكوّن في الاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الإسكان. فقد تراجعت أسعار المساكن بسبب ارتفاع أسعار الفائدة الذي جعل شراء المساكن أكثر تكلفة. إلا أن اسعار الفائدة تراجعت في الاسابيع القليلة الماضية بما في ذلك متوسط سعر الفائدة على الرهن العقاري. 

التوقعات بشأن نتائج البيانات 

على الرغم من انخفاض تكاليف الشراء، يتوقع أن تستمر المنازل المبدوءة الإنشاء ‏في الانخفاض، إذ يتوقع انخفاضها عند ١.٣٦ مليون مقارنة بـ ١.٤٣ مليون في نوفمبر. والمتعارف أن بيع المنازل يكون عادة أبطأ في الشتاء، لكن التباطؤ المتوقع أسرع بكثير مما من المعتاد في هذا الموسم. ومن المتوقع أيضاً أن تواصل مبيعات المنازل القائمة تراجعها وأن تسجل ٣.٩٦ مليون مقارنة بـ ٤.٠٩ مليون في نوفمبر. 

وقد انخفض الدولار لأمريكي في أعقاب أحدث البيانات مقارنة بالأزواج الأخرى، حيث تراجعت أسعار السندات الأمريكية المعيارية، لتبلغ أدنى مستوى لها منذ سبتمبر الماضي. كما تراجع كان الدولار عند أدنى مستوى له منذ مايو من العام الماضي. وهذا إلى ردة الفعل المحتملة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي. 

إلى أين نتجه؟ 

يأتي هذا التحول الحاصل في مسار الأسعار في خضم الجدل الدائر في السوق بشأن ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة ويبقيها مرتفعة، أم سيكون هناك تحول وسيخّفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة. جرت العادة أن يكون الاحتياطي الفيدرالي أسرع بكثير في خفض أسعار الفائدة لتجنب الانكماش المحتمل، من رفع المعدلات لمواجهة التضخم. ففي نهاية المطاف، يبتغي بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يكون هناك بعض التضخم لكن ضمن النطاق الخاضع للسيطرة. 

وحتى الآن ظهر الانكماش في أرقام مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي ومؤشر أسعار المنتجين، والتي لا تشكل المقاييس الرئيسية التي يستخدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي لتحديد أسعار الفائدة. ويمكن استيعاب بعض التقلبات الحاصلة في رقم التضخم الرئيسي، خاصة عندما يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض التضخم. ولكن إذا كانت هذه التقلبات هي الدلالة الأولى على أن أرقام التضخم السلبية ستصبح هي العرف السائد، فقد يؤدي هذا إلى زيادة فرص خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة في المستقبل القريب. 

التقارير المترجمة من مدونة أوربكس الإنجليزية

افتح حساب تداول إسلامي بدون فوائد! ابدأ الآن

Leave A Reply

Your email address will not be published.