مكتبة التداول

كوريا الشمالية تتحكم في الأسواق أكثر من الأرقام الاقتصادية

0

قبل اسابيع قليلة جداً, كان العالم يعتقد ان التوترات الجيوسياسية حول العالم قد انخفضت بشكل كبير, بعد ان اعلنت كوريا الشمالية انها ستؤجل الهجوم على القاعدة الجوية الاميركية المتواجدة في جزيرة جوام.

في ذلك الوقت, كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يعتقد ان تهديداته لكوريا الشمالية عبر موقع تويتر قد نجحت, وادت الى تراجع رئيس كوريا الشمالية عن قراره. كما ذكر دونالد ترامب في ذلك الوقت ان الرئيس الكوري الشمالي قد اتخذ قراراً ذكياً, وإلا كان رد الولايات المتحدة الاميركية سيكون بمثابة الكارثة على الجميع حسب قوله.

إلا ان هذا التغير في النبرة وانخفاض التوترات الجيوسياسية لم يدم طويلاً, حيث فاجأت كوريا الشمالية العالم من جديد خلال فترة عطلة الاسبوع باطلاق صاروخ جديد, واصبحت التوترات الجيوسياسية حالياً في اعلى مستوياتها في التاريخ.

حرب نووية على الابواب؟

خلال الاسابيع القليلة الماضي, لم نكن نسمع عن احتمالات التدخل العسكري في الازمة الكورية الشمالية. كل ما كنا نسمعه من القوى العظمى حول العالم انهم سيضعون المزيد من الضغوط على كوريا الشمالية لوقف اطلاق الصواريخ.

قامت الدول العظمى بعقد العديد من الجلسات الطارئة, ومنها المفتوحة والمغلقة, وكل ما استطاعوا فعله هو الاعلان عن بيانات شجب واستنكار بأشد العبارات ما تقوم به كوريا الشمالية.

على الرغم من هذا, إلا ان الامور قد تغيرت خلال الساعات الماضية ووصلت الى مستويات قياسية, حيث انه ولأول مرة في التاريخ يتم الحديث عن التدخل العسكري في كوريا الشمالية, ولم يكن الحديث عن تجخل محدود, بل تدخل شامل.

في الوقت الحالي, نجن نعيش في اطول فترة من حالة عدم اليقين وأكرها سوءً, وكما هي العادة, ستكون الاسواق العالمية اكبر الضحايا لكل ما يحصل من توترات.

استمرار ارتفاع اصول الملاذ الآمن

على اثر الصاروخ الاخير الذي اطلقته كوريا الشمالية خلال عطلة نهاية الاسبوع, بدأت اصول الملاذ الامن تداولات الاسبوع الجاري على ارتفاعات قوية منذ افتتاح الجلسة الاسيوية الى الان بما فيها الذهب والفضة والين الياباني والفرنك السويسري.

ارتفعت اسعار الذهب الى مستويات 1337 دولار والتي تعتبر مستويات مقاومة مهمة, لتضيف حوالي 1%, ولتصل الى اعلى مستوى لها منذ عام تقريبا, اما عن اسعار الفضة, فقد استمرت بالارتفاع من جديد لتصل الى مستويات 17.90 دولار.

اما عن الين الياباني, فقد ارتفع هو الآخر بأكثر من 0.5% حتى لحظة كتابة هذا اتقرير, بينما ارتفع الفرنك السويسري الى الان بأكثر من 0.75% ليصل الى مستويات 0.9560 تقريباً.

وطالما استمرت التوترات الجيوسياسية حالياً, فهذا من شأنه ان يبقي هذه الاصول في منطقة الطلب العالي, حتى نشهد تغيراً جديداً.

دول البريكس يجتمعون في ظل الازمة الكورية الشمالية

تجتمع دون مجموعة البريكس, بما فيها كل من البرازيل والهند والصين وجنوب افريقيا في الصين, وكل ما توصلوا اليه حول هذا الموضوع هو الاعلان عن بيان ذكروا فيه ان ما تقوم به كوريا الشمالية غير مقبول

هذا كل ما استطاعت هذه الدول فعله حالياً, وهذا يظهر وبشكل واضح مدى خوف الدول من كوريا الشمالية, فاذا كان لهم بالفعل التأثير على كوريا الشمالية او يقوموا بوقفها, لقاموا بذلك منذ وقت طويل.

إلا ان هناك بعض الضوء المشع في نهاية النفق المظلم, حيث ذكرت اليوم سويسرا انها من الممكن ان تتوسط لحل الازمة الحالية. والسؤال يكمن هنا, هل باستطاعتهم فعل ذلك؟ لا أحد يعلم.

متى من الممكن ان تتعود الأسواق على التوترات الجيوسياسية

على مدار التاريخ الطويل, كانت التوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها على الاسواق العالمية والاقتصاد العالمي بشكل كبير. على الرغم من ذلك, إلا ان الاسواق كانت في وقت ما تتعود على هذه التوترات وتستطيع ان تعوض الخسائر التي تسجلها بسبب التوترات, وبعض المؤشرات العالمية استطاعت ايضاً ان تغض النظر عن هذه التوترات ولا تكترث لها ايضاً.

على الرغم من هذا, السؤال الاهم الان, هل يمكن للاسواق ان تعيد حالة التعود على هذه التوترات من جديد؟  لا احد من الممكن ان يجيب على هذا السؤال حالياً, لكن ما نعلمه بشكل اكيد ان الاسواق تعيش في أسوأ وضع من حالة عدم اليقين, وهو ما يعني ان كل شيء ممكن, لكن في ما لو نظرنا الى الامور من ناحية اخرى, فمن الممكن ان نضع اللوم على الغرب بشكل اكبر مهما حدث وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية

لماذا؟ لأنه لا يوجد اي شيء جديد في ما يخص كوريا الشمالية, تقوم هذه الدولة بالعديد من التجارب الصاروخية على مدار التاريخ وعلى مدار عقود من الزمن. لكن الادارات الاميركية السابقة كانت ذكية لدرجة انها ابقت الامور هادئة على مدار عقود طويلة

لكن الادارة الاميركية الجديدة قررت ان ترفع من مستوى التوتر بدون اي سبب يذكر, وبدأت اولاً بتهديد كوريا الشمالية على الرغم من ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب كان قد ذكر انه معجب بالرئيس الكوري الشمالي, لكن هذا الحدث كان قبل الانتخابات.

اما بعد الانتخابات فقد تغير كل شيء, وعليه, من الممكن ان نضع اللوم اولاً على الولايات المتحدة الاميركية, لانهم قلقون من دولة تبعد عنهم اكثر من نصف مسافة العالم تقريباً. وفي ما لو كان لدى الولايات المتحدة الاميركية القوة الكافية لردع اي هجوم وحماية شعبها كما تذكر, فلماذا هذا الخوف الكبير ولماذا هذا التهديد المستمر طالما انه لم يصل لها الى الان اي اعتداء؟ لا احد يعلم.

حتى نعلم ما يحصل او نفهم ما يمكن ان يحصل خلال الفترة المقبلة, ننصح المتداولين بعدم الافراط في التوقعات, وخصوصاً بعد التهديدات الاخيرة التي سمعناها خلال الساعات الماضية. وحتى ذلك الحين, من الافضل البقاء بعيداً عن التداول بشكل يومي.

Leave A Reply

Your email address will not be published.