لماذا ترتفع أسعار النفط على الرغم من ارتفاع المخزونات الأمريكية

منذ بداية العام الجاري, تداولت اسعار النفط في نطاق ضيق وفي اتجاه محايد نحو الاعلى والاسفل. خام خام غرب تكساس استقر ما بين مستويات 51 دولار و 54 دولار بينما خام برنت استقر ما بين مستويات 54 دولار و 57 دولار للبرميل دون اي اختراق لأي من المستويات المذكورة او اتجاه واضح نحو الأعلى او الأسفل

كما ان هذه التحركات مستمرة على الرغم من نجاح خطة واتفاق منظمة اوبك النفطية, وعلى الرغم من ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية بشكل كبير خلال الخمس اسابيع الماضية. في تقرير اليوم سنتحدث عن اسباب هذه التحركات الضيقة, وماذا بعد قرار اوبك الناجح الى الان واسباب تحرك اسعار النفط بعكس نتائج مخزونات النفط الأميركية.

اتفاق اوبك الناجح

خلال الايام القليلة الماضية, اعلنت منظمة اوبك عن الارقام الشهرية للانتاج لشهر يناير الماضي, والذي دخل فيه الاتفاق لخفض الانتاج حيز التنفيذ, وهو الشيء الذي اظهر التزام جميع المنتجين للنفط وقاومة بخفض الانتاج كما كان الاتفاق.

انتجت منظمة اوبك حوالي 32.2 مليون برميل خلال شهر يناير الماضي, بينما كان المستوى المستهدف للمنظمة عند مستويات 32.5 مليون برميل., لينخفض الانتاج من اعلى مستوى له في التاريخ والذي تم تسجيله في نوفمبر من العام الماضي عند 34.3 مليون برميل.

كما اظهرت ارقام شهر ديسمبر ايضاً انخفاض الانتاج الى مستويات 33.3 مليون برميل. بمعنى ان انتاج النفط من منظمة اوبك قد انخفض على مدار شهرين على التوالي, وهو الشيء الذي لم نشهد له مثيل منذ العام 2013 تقريباً.

استقرار او هدوء ما قبل العاصفة؟

على الرغم من اعلان نتائج منظمة اوبك, استمرت اسعار النفط في التداول في نفس النطاق المذكور اعلاه تقريباً, دون اي اتجاه واضح على الان نحو الاعلى او الاسفل. البعض قد يقول ان اسعار النفط قد استقرت اخيراً.

هذه الكلمة من الممكن ان تكون صحيحة, لكن علينا ان لا ننسى التاريخ. فقد بدات اسعار النفط بالارتفاع منذ بداية العام الماضي 2016, عندما كانت هناك تحركات من قبل بعض اعضاء منظمة اوبك والذين قاومة بطرح فكرة تجميد انتاج النفط, وذكر في ذلك الوقت انهم سيتوصلون الى اتفاق لتجميد الانتاج قريباً.

على الرغم من ذلك, إلا انهم لم يتوصلوا الى اتفاق إلا حتى نهاية العام الماضي. ومنذ يناير حتى ديسمبر, ارتفعت اسعار النفط بأكثر من 100% تقريباً, من ادنى مستوياتها لذلك العام سواء لخام غرب تكساس او خام برنت.

وهذا يعني ان اتفاق اوبك الذي تم الاعلان عنه (تجميد وخفض الانتاج) قد تم تسعيره في الأسواق واصبح مستهلكاً بشكل كامل. الارتفاع منذ يناير الماضي حتى نوفمبر الماضي كان يعود الى ارتفاع الآمال والتوقعات بالتوصل الى اتفاق لتجميد انتاج النفط عند المستويات السابقة, لكن الارتفاع الواضح والقوي الذي شهدته الاسواق في ديسمبر الماضي كان يعود الى التوصل الى اتفاق خفض الانتاج النفطي.

وعليه, على المتداولين ان لا يتوقعوا تحركات كبيرة وواسعة في اسعار النفط خلال الاسابيع القليلة الماضية, حيث ان اتفاق اوبك ونتائجه بالكامل قد تم تسعيرها في الأسواق وعلينا الان انتظار الحوافز الاساسية الجديدة.

ارتفاع مخزونات النفط الامريكية = ارتفاع اسعار النفط؟

خلال الاسابيع الخمسة الماضية بالتحديد, تحركات اسعار النفط بالكامل كانت على عكس توقعات المتداولين خصوصاً عند الاعلان عن ارقام مخزونات النفط الامريكية. حيث ان الولايات المتحدة الامريكية سجلت فائضاص نفطياً في المخزونات على مدار خمس اسابيع على التوالي, وهو الشيء الذي لم نشهد له مثيل منذ بداية العام 2016.

على الرغم من ذلك, إلا انه وبالنظر الى تحركات الخام عند الاعلان عن الارقام نشى ان الاسعار كانت ترتفع عند الاعلان عن الارقام. لماذا؟ هناك العديد من الامور التي يجب اخذها بالحسبان.

احد اهم الامور التي يجب عدم نسيانها هي الارقام والتوقعات التي يتم الاعلان عنها قبل يوم واحد من الاعلان عن الارقام الرسمية. وعليه, التأثير الاكبر اصبح دائماً قبل يوم من الاعلان عن الارقام الرسمية, وذلك عند الاعلان, حيث ان يوم الثلاثاء يتم الاعلان عن توقعات ارقام يوم الاربعاء, ولذلك على المتداولين الانتباه الى هذه الارقام خلال الفترة المقبلة.

يوم أمس, ارتفعت مخزونات النفط الامريكية [اكبر وتيرة لها على المستوى الاسبوعي منذ اكتوبر من العام الماضي, لتضيف اكثر من 13.83 مليون برميل الاسبوع الماضي, وهذه الارقام تعتبر قريبة جداً من التوقعات التي صدرت يوم الثلاثاء الماضي. وهذا ايضاًيفسر تحركات الانخفاض التي شهدتها اسعار النفط خلال تداولات يوم الثلاثاء الماضي  حيث انخفضت الاسعار بواقع 1.5%تقريباً لكل من خام غرب تكساس وخام برنت. بينما تحركات الارتفاع يوم أمس بعد الاعلان عن الارقام الرسمية تعود الى تغطية لمراكز البيع المفتوحة منذ الاعلان عن التوقعات يوم الثلاثاء.

ماذا بعد؟

في الوقت الحالي, من المتوقع ان تستمر حالة الاستقرار لبعض الوقت. على الرغم من هذا, إلا ان معدلات النمو العالمية وارقام الطلب العالمي ستكون المحفز الاساسي الجديد للاسعار خلال الفترة المقبلة. لكن على المتداولين الانتباه جيداًالى تصريحات منظمة اوبك او اعضائها خلال الفترة المقبلة, وخصوصاً اذا ما كان هناك تعليقات حول احتمالية تمديد الاتفاق المتواجد حالياً ام لا.

من الناحية التقنية وكما هو موضح على الرسومات, لا توجد اشارات واضحة الى الان, حيث ان الاسعار لازالت تتداول في نطاق ضيق كما هو موضح, وغالباً لن يكون هناك نظرة واضحة للاسعار حتى يتم اختراق مستويات المقاومة او مستويات الدعم الظاهرة اعلاه, وعندها, سيكون لدينا الاشارة الاولى سواء للشراء او البيع.

إلا ان المتداولون باستطاعتهم الاستفادة من التحركات الحالية في هذا النطاق الضيق للاسعار من خلال الشراء عند مستويات الدعم المذكورة والبيع عند مستويات المقاومة الموضحة ايضاً, مع الاخذ بالاعتبار مستويات وقف بسيطة جداً فوق مستويات المقاومة بالنسبة للبيع واوامر وقف دون مستويات الدعم بالنسبة للشراء.