خلال الاسابيع القليلة الماضية والجميع في الاسواق يتحدث عن بنك دوتشي الالماني. وهو اكبر بنك متواجد في المانيا. كما انه احد اعمدة النظام المالي العالمي. وكما قد سمعتم في الاخبار. فقد يكون البنك على بعد خطوات بسيطة من ازمة سيولة والتي في الغالب ما ستؤدي الى التأثير على جميع الاسواق العالمية فيما لو حصل ذلك, وايضا التأثير سلبا على النظام المالي العالمي. بالنسبة لك كمتداول في الاسواق, فعليك بشكل حذر ان تتابع كل التطورات التي تحصل في مشكلة هذا البنك لأنها في الغالب ما سيكون لها تأثير كبير على الاسواق, وستؤدي الى ارتفاع التذبذب في الاسواق بشكل حاد.
كيف بدأت القصة؟
بدأت كل هذه القصة من الولايات المتحدة الاميركية عندما اعلنت الحكومة الاميركية بأنها ستقوم بفرض غرامة على البنك بواقع 14 مليار دولار. حيث اتهمت الحكومة الامريكية هذا البنك بأنه قام ببيع سندات مدعومة بالرهن العقاري بشكل وهمي خلال فترة الازمة المالية العالمية. نعم هذه القصة عمرها تقريبا العقد من الان, لكن على الرغم من ذلك, الولايات المتحدة الامريكية وصلت الى الخلاصة بأن تقوم بفرض غرامة مالية على هذا البنك الان.
لماذا يعتبر البنك في مرحلة خطرة جداً؟
بنك وتشي حاله كحال بعض او معظم البنوك في الاتحاد الاوروبي, حيث تعاني هذه البنوك بسبب فرض معدلات فائدة سلبية من قبل البنك المركزي الاوروبي خلال الفترة الماضية لمكافحة انكماش الاسعار وانخفاض معدلات النمو, وهو ما ادى الى انخفاض همش ربحية البنوك الاوروبية. الاهم من ذلك ايضاً, ان الغرامة التي طلبتها الحكومة الامريكية تعتبر قريبة جداً من قيمة البنك بالكامل, وهو ما رفع من توقعات الاسواق بشكل كبير بأن يطلب البنك مساعدات مالية من الحكومة الالمانية. لكن ما هو اسوأ هنا ان الحكومة الالمانية رفضت ان تقدم أي مساعدات على لسان المستشارة الالمانية انجلا ميركل والتي قالت “لا مساعدات مالية لبنك دوتشي”
من الذي يجب ان يكون قلق اكثر؟
من الممكن ان تفكر كمتداول ان اكثر ما يجيب ان يكون قلق هي المانيا نفسها فقط, وذلك بحكم ان البنك هو اكبر بنك الماني وسمعته مرتبطة بالمانيا ايضاً. على الرغم من ذلك, إلا ان المستثمرين في الولايات المتحدة الامريكية قد يكونوا اكثر قلقاً من اي شخص آخر. لماذا؟ الاجابة في النقاط التالية.
بنك دوتشي مرتبط كثيراً: وهذا يعني ان البنك الذي نتكلم عنه مرتبط بعقود وصفقات وتعاون وايضاً مكشوف على العديد من المؤسسات المالية وقطاع الاعمال الامريكي وايضاً على مستوى العالم.
البنك يحمل محفظة مشتقات كبيرة جداً: لدى البنك اكبر محفظة لعقود المشتقات المالية والتي تصل قيمتها الحالية حوالي 46 تريليون دولار وهذه القيمة تعتبر اكبر من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بـ2 ضعف تقريباً.
بنك دوتشي لا يتمتع برأس مال كافي طبقاً لتقارير البنك المركزي الاوروبي
نظرة سلبية: القطاع المصرفي في الاتحاد الاوروبي بشكل عام وحتى حول العالم لا يتمتع بنظرة ايجابية كبيرة حالياً, وذلك بسبب تدني معدلات الفائدة العامة حول العالم, حيث هناك بعض الدول التي وصلت معدلات الفائدة فيها الى ما دون الصفر (سلبية) وهناك دول تقوم بخفض مستمر للفائدة, بينما الولايات المتحدة الامريكية تقوم بوعود للاسواق بأنها سترفع الفائدة من جديد, لكن هذا ايضاً في الوقت الحالي يعتبر سلبي, حيث ان ارتفاع الفوائد سيقلل من مستوى اقراض البنوك التجارية.
بنك دوتشي ليس كبنك ليمان بروثيرز
في الواقع, هذا السؤال جوهري ومهم, لكن التاريخ علمنا بشكل كبير وقاسي ان لا نأخذ أي شيء بشكل مضمون مهما كان. في سبتمبر من العام 2008, لم يتوقع احد في العالم ان تترك الولايات المتحدة الامريكية بنك ليمان بأن يشهر افلاسه والتوجه للحكومة لطلب الحماة من الدائنين. على الرغم من هذا, إلا ان الولايات المتحدة الامريكية تركت البنك في مستنقع الافلاس وفي ورطة لوحده, ودخل العالم في حالة من الفوضى لازلنا نشهد تبعاتها الى الان. بالتأكيد قيمة ليمان في ذلك الوقت اكبر من قيمة دوتشي حالياً قبل الافلاس, لكن منذ الازمة المالية العالمية الى الان, يبدوا ان ما يسمى بأن البنوك اكبر من ان تفلس قد اصبحت خارج المنهاج الاقتصادي بعد ما حصل في العام 2008. وعليه على المتداولين دائماً اتخاذ الاحتياطات وتوقع الاسوأ قبل الايجابي.
الحلول
من المبكر جداً الحديث عن حلول للمشكلة الحالية, لكن نأمل ان لا يكون الوقت قد فات لوجود حل لهذه المشكلة. في الوقت الحالي, البنك يقوم بمفاوضات مع السلطات الامريكية لتقليص مستوى الغرامة المالية. على الرغم من ذلك, وحتى لو تم التوصل الى تسوية, المشكلة تكمن في ان التسوية مهما تم تخفيضها ستبقى مرتفعة واكبر من نصف قيمة البنك. وعليه, ان يتم الاعلان عن خطة انقاذ للبنك قد يكون امر حتمي وضروري, سواء من خلال الحكومة, او يتم دمج البنك مع بنك او بنوك اخرى او ان يقوم البنك ببيع حصة من قيمته للحكومة او لعدة مستثمرين. في كل الاحوال, البنك سيواجه فترة عصيبة خلال الفترة المقبلة, على الاقل حتى يتم الاعلان عن تسوية او التوصل الى حل وسط مع السلطات الامريكية.
