مكتبة التداول

هل يعيد خفض “أوبك +” المفاجئ للإنتاج سعر برميل النفط إلى ١٠٠ دولار؟

0

أعلن الأعضاء الرئيسيون في تحالف “أوبك +” يوم الأحد عن خفض طوعي للإنتاج، وجاء هذا الإعلان المفاجئ قبل اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج والمقرر عقده في وقت لاحق اليوم. وقد تسبب هذا الإعلان بارتفاع كبير في أسعار النفط، وكان كفيلاً بجعل بعض المحللين يتوقعون عودة سعر النفط إلى خانة المئات. وقد يكون هذا تفاؤل مبالغ فيه من قبل المشترين، ويستحق إمعان النظر في الدوافع الكامنة التي أفضت لمثل هذه الحركة المفاجئة. 

كما أشرنا مؤخراً، كانت أسعار النفط بالفعل ترتفع، مما يدل على أن هذه الخطوة لم تأت رداً على عوامل السوق المباشرة. فالنفط مشحون سياسياً، وبالنظر إلى حجم التخفيضات المعلنة ومن أقدموا على هذه الخطوة، فهناك انتشرت تكهنات بأن هذه الخطوة لها علاقة أكبر بعوامل جيوسياسية. 

ضغوط الأسعار مهمة

فقد أنفقت الدول المنتجة للنفط الكثير من الأموال خلال أزمة كوفيد -١٩ في وقت كانت فيه أسعار النفط منخفضة، وهو ما أدى إلى أوضاع مالية أكثر صرامة. وقد خلق ذلك استعداداً عاماً للإبقاء على أسعار الخام مرتفعة منذ نهاية الوباء. كما أسفر رد الفعل على الحرب في أوكرانيا عن تعديلات مهمة على العرض تسببت في ارتفاع أسعار النفط الخام بشكل كبير جداً. وتمكنت الدول المنتجة للنفط من استرداد بعض التكاليف المرتبطة بكوفيد-١٩. ولكن الارتفاع المتزامن في معدلات التضخم كان يعني تقلص المكاسب الناجمة عن ارتفاع أسعار الخام. 

كان هناك حوالي ١٦.٤٪ في التضخم التراكمي منذ ما قبل الوباء. وفي عام ٢٠١٩، كانت أسعار النفط متقلبة من نحو ٦٠ دولاراً إلى ٧٠ دولاراً للبرميل. وعند وضع التضخم بعين الاعتبار، فسيكون متوسط السعر البالغ ٦٥ دولاراً للبرميل في عام ٢٠١٩، يتعدى ٧٥ دولاراً للبرميل بقليل في مقابل دولار اليوم. ومع انخفاض أسعار النفط الخام إلى ما دون ٧٠ دولاراً للبرميل، فهذا يعني أن أسعار النفط كانت أقل من مستوى ما قبل الوباء بالقيمة الحقيقية. 

السياسة تتدخل

وكانت الولايات المتحدة تبيع ملايين البراميل من النفط الخام شهرياً من احتياطاتها الاستراتيجية كجزء من جهودها لخفض أسعار النفط الخام. وبعد شتاء أكثر اعتدالاً من المتوقع والمخاوف من ركود محتمل، تعرضت أسعار البترول لضغوط مؤخراً. والتزم البيت الأبيض بتجديد احتياطي البترول الاستراتيجي إذا انخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط ما دون ٧٠ دولاراً للبرميل. وكان جزء من المنطق هو دعم الاستثمار المستمر في المجال، لأن العديد من المحللين قد حذروا من أن احتمالية تناقص العوائد قد أبقى المستثمرين بعيداً عن مجال النفط. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تواجه امدادات النفط تحديات متزايدة لمواجهة ما يتوقع ان يؤدى إلى زيادة الطلب خلال السنوات القادمة. 

ولكن بعد انخفاض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون ٧٠ دولاراً للبرميل، قالت الحكومة الأمريكية إنها لن تتحرك بسرعة لتعويض احتياطي البترول الاستراتيجي، مما يشير إلى أن الشراء لن يبدأ حتى نهاية العام. وانتشرت تقارير تشير إلى أن هذا الأمر قد  أزعج المسؤولين السعوديين، وكان الدافع وراء خفض الإنتاج. وبحسب ما ورد، فإن البيت الأبيض ليس سعيداً بموقف السعودية، نظراً للتنسيق مع روسيا والصين، بما في ذلك تسوية مبيعات النفط للأخيرة باستخدام اليوان الصيني. 

نقطة التحول

كانت روسيا قد أعلنت مؤخرا عن خفض إنتاجها اليومي بمقدار ٥٠٠ ألف برميل يومياً، وأعلنت أن هذا التخفيض سيظل قائماً حتى نهاية العام. وهذا ليس جزءاً من إعلان أوبك. كما كانت هناك عدة تقارير صحفية تشير إلى أن أوبك ستبقى على إنتاجها الحالي في اجتماع أوبك + القادم. ولهذا السبب ينظر إلى هذه التخفيضات باعتبارها مفاجأة كبرى. 

وكانت المملكة العربية السعودية رائدة هذه التخفيضات الطوعية، وهذا يعني أنها لم تكن خاضعة لاتفاق على حصص منظمة أوبك. ولا تزال الدول التي تقوم بالتخفيضات تملك حصص أوبك التي يمكنها العودة إليها وفقاً لتقديرها. وقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن خفض بمقدار ٥٠٠ ألف برميل في اليوم. وأعلن العراق عن خفض قدره ٢٢١ ألف برميل في اليوم، لكنه خفض الصادرات حالياً بمقدار ٤٥٠ ألف برميل في اليوم مع تعليق مؤقت لصادرات كردستان عبر تركيا. ومن بين الدول الأخرى التي انضمت إلى قرار الخفض هذا دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت بتخفيض إجمالي قدره ١.١٥ مليون برميل في اليوم. 

من المتوقع أن تجتمع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج في وقت لاحق اليوم لتأكيد الإجراء. من الناحية الفنية، يمكن أن تحافظ أوبك على حصص الإنتاج الحالية كما هو متوقع، مع عدم تلبية الدول طواعية لحصتها. وقد يكون من الممكن دعم أسعار النفط الخام، ولكن على النقيض من اتفاقية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الرسمية، فإن هذه التخفيضات الطوعية من الممكن عكسها في أي لحظة. وباعتباره خطوة جيوسياسية واضحة، فإن عكس اتجاه التخفيضات سوف يعتمد على قرارات سياسية يصعب التنبؤ بها من قبل السوق، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم حالة عدم اليقين. 

التقارير المترجمة من مدونة أوربكس الإنجليزية 

افتح حسابك مع أوربكس الآن واختبر استراتيجيتك حول أسعار النفط!

Leave A Reply

Your email address will not be published.