خروج اليونان اصبح خطر بعيد, ما الجديد؟

يوم جديد في الاسواق العالمية والاقتصاد العالمي ونعود مرة اخرى الى نفس الحديث الممل حول اليونان والتي اعطت دفعة جديدة للاسواق الاوروبية نحو المنطقة الخضراء اليوم

“اليونان توصلت الى اتفاق جديد مع الدائنين” يبدوا العنوان قديم نوعاً ما؟ صحيح, ففي كل فترة قصيرة وخلال بضعة اشهر نعود ونقرأ/نكتب نفس العنوان من جديد.

العنوان للصحف العالمية اليوم كان ان اليونان قد توصل الى اتفاق مع دائنيها, وخلال الاشهر القليلة المقبلة سيتغير هذا العنوان من جديد الى “انخفاض الاسواق العالمية بسبب مخاوف تخلف اليونان عن سداد ديونها”

نحن في نفس الدائرة منذ عقد من الزمان تقريباً. والسؤال, هل سيتغير الحال في أي وقت قريب؟ في الواقع ان هذه الحالة لم تتغير طوال الخمس سنوات الماضية, ففي الغالب لم يتغير خلال الخمس سنوات المقبلة.

الاتفاق الاخير

تم الاعلان خلال الساعات الماضية عن ان اليونان والدائنين حول العالم قد توصلوا الى اتفاق لحزمة انقاض مالية جديدة بحوالي 86 مليار يورو, وهو ما يلغي احتمالات ان تتخلف اليونان عن سداد الديون المستحقة عليها خلال الشهر المقبل والتي تقدر بحوالي 7 مليار يورو.

يأتي هذا الاتفاق بعد اشهر من حالة من عدم اليقين حول كيفية سداد هذه الديون وهو ما عطل من عملية التعافي الاقتصادي في اليونان لبعض الوقت, للتفكير في تأمين الاموال التي تحتاجها البلاد بشكل كبير جداً.

على الرغم من ذلل, وعلى الرغم من التوصل الى هذا الاتفاق اخيراً, إلا ان نقاشات تخفيف الاعباء على اليونان قد تم وضعها جانباً خلال محادثات الفترة الماضية وفي الغالب ما ستعود الى الواجهة خلال الصيف الجاري من جديد.

ماذا بعد الإعلان عن الاتفاق؟

على الرغم من الاعلان عن الاتفاق اليوم ما بين اليونان والدائنين من حول العالم, إلا ان الامر لم ينتهي هنا, لازال على بعض الدول الاوروبية ان توافق على هذه الخطة من خلال التصويت عليها في البرلمان.

وهو ما يعني عدم دخول الاتفاق حيز التنفيذ حتى اللحظة, لكن الاشارات الاولية وحتى اللحظة تشير الى احتمالات ان يقوم معظم الاتحاد الاوروبي بالتصويت بالموافقة على هذه الاتفاقات الجديدة, خصوصاً وان المانيا ذكرت انها مرتاحة لهذا الاتفاق.

الامور ستصبح أكثر تعقيداً في المستقبل

كما ذكرنا سابقاً, اليونان تعيش في نفس الدائرة منذ حوالي العقد من الزمان, المزيد من الديون وخطط الانقاذ, ومفاوضات ومحاولات لتخفيف الاعباء المالية والمزيد من الاصلاحات, إلا ان الامور تبدوا أسوأ مما كانت عليه في السابق.

على الرغم من ان هناك العديد من دول الاتحاد الاوروبي كانت قد عانت خلال الخمس سنوات الماضية من ما حصل خلال فترة ما بعد الازمة المالية العالمية, حيث حصلت الدول هذه على المساعدات المالية, لطنها لم تعاني بقدر ما عانت ولازالت تعاني اليونان حتى اليوم.

البعض قد يسأل, لماذا لا يمكنهم التوصل الى اتفاق شامل ولمرة واحدة وانهاء هذه المشكلة التي دامت لسنوات طويلة؟ الجواب البسيط لهذا السؤال هو ” السياسة”

عندما تم الاعلان عن الاتحاد الاوروبي, اعلن عنه على انه اتحاد اقتصادي بين دول القارة العجوز, لكن الآن الامور قد تغيرت فأصبح الاتحاد الآن اتحاداً سياسياً بامتياز أكثر مما هو اقتصادي.

الاجابة ايضاً على السؤال السابق حول حل مشكلة اليونان, فمهما قام الاتحاد الاوروبي من قرارات, ففي الغالب لن تكون هذه القرارات حل شامل للمشكلة. لماذا؟ لأن الاتحاد الاوروبي يقوم في نفس الخطأ مرة اخرى, يقومون بالإعلان عن نفس الاصلاحات التي تمت في السابق ونفس الخطط, والتي لم تنجح في نشل اليونان من ازمتها الى الان, إلا انهم يعيدون فعل نفس الامر من جديد.

يقومون بتأجيل المشكلة لأشهر سنوات اطول لا أكثر ولا اقل. الخطط الاصلاحية التي تقوم بها اليونان من خلال الاتحاد الاوروبي لا تكفي اليونان لكي تقوم بإعادة الاموال التي اتخذتها, والأسوأ ايضاً ان خطط الانقاذ والاصلاحات لا تؤدي الى تأمين نمو اقتصادي كافي لليونان لكي تستطيع الصرف على الاقتصاد لدعم النمو ولتقوم بنفس الوقت بتسديد ديونها واعتماد المزيد من الاصلاحات.

وطالما ان الاتحاد الاوروبي مستمر في دفع اليونان نحو فعل المزيد كما تم في السابق, توقعوا ان تصبح الامور اكثر تعقيداً خلال الاشهر والسنوات المقبلة.

لماذا والى متى؟

البعض قد يسأل, ما هي نهاية كل ما يحصل في اليونان؟  في الحقيقة, دائماً ما كان الاتحاد الاوروبي والسياسيون يقولون ان هناك ضوء في نهاية النفق, لكن السؤال الاهم, ما طول هذا النفق المظلم حتى نصل الى الضوء؟ لا احد يعلم

في نفس الوقت, لا تتوقعوا ان تخرج اليونان من الاتحاد الاوروبي في أي وقت قريب, الاتحاد الاوروبي خسر احد اكبر الدول وهي المملكة المتحدة, لكن الاختلاف انها خسرت دولة لا تستخدم عملة الاتحاد الاوروبي.

الاتحاد الاوروبي مبني في الاساس على العملة الموحدة اليورو, لم يكن من السهل على الاتحاد الاوروبي خسارة المملكة المتحدة على الرغم من ان بريطانيا تستخدم الجنيه الاسترليني. لكن خسارة دولة اخرى في الاتحاد الاوروبي تستخدم عملة اليورو تعتبر فشل لكل الاتحاد الاوروبي.

ولهذا السبب بالتحديد, فستقوم المانيا وجميع دول الاتحاد الاوروبي بكل ما يمكن لإبقاء اليونان في الاتحاد حتى اطول فترة ممكنة حتى في ما لو وصلت الامور الى شطب ديون اليونان على المدى الطويل.