ما وراء الانخفاض الحاد لعلمة البتكوين

خلال الجلسات القليلة الماضية, كانت العملة الافتراضية البتكوين ترتفع وكأنها تعتلي صاروخاً لتصل الى مستويات تاريخية عند مستويات 1133 دولار. على الرغم من ذلك, إلا ان الامور قد تغيرت وبشكل سريع وخلال نفس الجلسة التي وصلت فيها العملة الى اعلى مستوى لها في التاريخ, عادت هذه العملة الى الانخفاض لتخسر أكثر من 20% من قيمتها خلال دقائق معدودة لتصل الى ما دون مستويات 850 دولار, وهو ما يرفع العديد من التساؤلات. على الرغم من ذلك, قبل الحديث عن اسباب الانخفاض الحاد الذي شهدته العملة خلال الايام الماضية, لننظر أولاً الى تعريف هذه العملة وما هي وكيف تتحرك.

تعريف:

البتكوين هي عملة افتراضية الكترونية, يتم انتاجها والعمل بها الكترونياً فقط, ولا أحد يتحكم بها بالفعل. كما ان هذا النوع من العملات لا يطبع كما هو الحال في الدولار الأميركي او اليورو الاوروبي – يتم انتاج هذه العملة الافتراضية من قبل الاشخاص, والشركات ايضاً التي تعمل في مجال الحاسبات الآلية وغيرها, حيث يتم تداول هذه العملة عبر الانترنت لشراء وبيع البضائع.

لماذا تعتبر البتكوين مختلفة عن باقي العملات؟

يمكن استخدام عملة البتكوين لشراء البضائع البسيطة عن طريق الانترنت وبشكل آلي. لكن قيمة العملة الافتراضية يتم احتسابها كما هو حال الدولار واليورو والين, وهي ايضاً عملات يتم تداولها عبر الانترنت. على الرغم من هذا, إلا ان اهم ما يميز عملة البتكوين هو مختلفة عن ان يتم تسعيرها بالعملات الاخرى, كما انه لا يوجد لها مصدر أساس كبنك مركزي او حكومة او ما شابه, فلا توجد جهة واحدة تتحكم بالعملة وفي شبكة البتكوين العالمية. وهذه المعلومة قد تخيف البعض, حيث انه كلما توسعت دائرة هذه العملة فلا يمكن التحكم بها بعد حين.

من الذي اخترق البتكوين

هناك العديد من المعلومات حول هذا الشأن, لكن المعلومة المهمة هنا ان من صنعها هو شخص يعمل كمبرمج حاسبات الية واسمه ساتوشي ناكاموتو, وهو الذي قام باصدار فكرة البتكوين على انها نظام دفع مالي آلي عبر الانترنت مبني على دليل علمي ودليل من المعادلات الرياضية. الفكرة بالاصل كانت بأن يتم خلق عملة مستقلة افتراضية غير مربوطة مع اي من البنوك المركزية العالمية او حتى جهة رقابية لدولة معينة. يتم تبادل العملة افتراضياً عبر الانترنت مع انخفاض قيم التعاملات بين المشترين والبائعين للعملة او للبضائع ايضاً.

هل من الممكن ان أحصل على البتكوين بشكل حقيقي؟

كما ذكر سابقاً, لا توجد عملة حقيقية, فهذه العملة افتراضية ولا يتم طباعتها او صكها كما هو الحال في البنوك, كما انها غير مربوطة مثلاً بعدد الاشخاص المتواجدين في دولة ما, وقوانين هذه العملة مستقلة تماماً عن اي عملة اخرى. كمثال على البنوك مثلاً, عندما ترتفع ديون دولة معينة بشكل كبير يصل الى مستويات خطرة, يقوم البنك المركزي باصدار المزيد من الاموال لتخفيض قيمة العملة لتغطية العجز والدين الداخلي للدولة.

اما عملة البتكوين فيتم خلقها بشكل افتراضي عبر الانترنت من خلال متداولين ويستطيع اي شخص ان يقوم بذلك والانضمام الى مجمتع العملة الافتراضية, حيث يمكنك الحصول عليها من خلال حساب بسيط لهذا المجتمع. بمعنى آخر, يتم صك هذه العملة وتداولها افتراضياً دون وجود اي اساس لها على الارض.

انهيار العام 2014

احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى الانهيار في قيمة هذه العملة خلال فترة العام 2014  هو التحذير الصادر عن السلطات في الصين في يوم 5 ديسمبر 2013 وهو الشيء الذي ادى الى بداية الانهيار في ذلك الوقت.

على الرغم من هذا, إلا انه وبالنظر الى الرسم التقني للعملة الافتراضية في ذلك الوقت, وعندما وصلت الى مستويات تاريخية يوم 30 نوفمبر من العام 2013, كان هناك تقاطع واضح لمؤشر MACD  ومؤشر القوة النسبية RSI على المستوى اليومي, وهو ما يعرف بأنه اشارة سلبية جديدة على المدى القصير على الاقل, وهو بالفعل ما حصل, وشهدت العملة عمليات بيع كبيرة في ذلك الوقت وادت الى الانخفاض بشكل كبير, هذا فضلاً عن التحذيرات المتككرة من قبل السلطات الصينية, بالاضافة الى الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي الصيني بعد خمس ايام تقريباَ من بداية انهيار العملة, وهو ما سرع الانخفاض بشكل حاد.

ومن البديهي ان نرى المتداولين يقومون ببيع العملة من جديد والتخلص من حيازاتهم في ظل تحذير الحكومة الصينية والاجراءات التشددية التي وضعها البنك المركزي.

هل ما يحصل اليوم هو ذات نفس ما حصل في السابق؟

من الناحية التقنية, من الممكن القول ان الحركة تعتبر مشابهة لما حصل في السابق, حيث انخفضت العملة الافتراضية الاسبوع الماضي من نفس المستويات التي انهارت منها البتكوين في العام 2013 الى 2014 تقريباً عند مستويات 1130 دولار. مؤشر MACD ومؤشر RSI القوة النسبية ايضاً تقاطعا نحو الاسفل من جديد, وهو ما يشير الى فرصة بيع على المدى القصير على الاقل, وهذا من الناحية التقنية حالياً. على الرغم من هذا, إلا ان الصين ايضاً لها علاقة بالانخفاض الاخير, حيث انها اصدرت المزيد من التحذيرات للمضاربين على اليوان الصيني والضغط عليه بشكل متكرر, وبالاضافة الى ذلك ايضاً, اعلنت الحكومة عن المزيد من الاجراءات لوقف هروب رؤوس الأموال من الصين. في الوقت الحالي, على المتداولين الانتباه جيداً الى تحركات العملة الافتراضية خصوصاً في ما لو عادت الى مستويات 1130 دولار للاونصة, حيث ان تلك المستويات تعتبر مستويات مقاومة مهمة جداً, وحتى في ما لو تم اختراق تلك المستويات, فلا يوجد اي ضمانات بأن نشهد المزيد من الارتفاع, خصوصاً في ظل استمرار تحذرات الحكومة الصينية للذين يستعملون العملة الافتراضية لتهريب الاموال من الصين.