منذ بداية تعاملات العام الجاري, معظم الاحداث السياسية والاقتصادية اتت على عكس توقعات المحللين سواء السياسيين او حتى الاقتصاديين, وهو ما ما وضع العام الجاري في خانة اكثر السنوات مفاجئة. ومع اقتراب موعد انطلاق الانتخابات الامريكية والتي الان هي على بعد ساعات قليلة من ان تبدأ, هل من الممكن ان نتوقع مفاجأة جديدة عكس توقعات الاسواق والمحللين؟ الجواب القصير هو نعم. هذا ما تعلمناه من احداث العام الجاري.
من تخيل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي؟
عندما قامت الاغلبية في المملكة المتحدة بالتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي, كان هذا الحدث اكثر الاحداث مفاجأة في تاريخ الاتحاد الاوروبي والمملكة المتحدة على الاقل, كما يعتبر اكثر الاحداث مفاجأة لهذا العام. الحدث كان مفاجئاً للعديد من الاعتبارات, الاول وهو, من يصوت ضد الاتحاد؟ من الممكن ان تقول ان الاتحاد افضل من التفرقة, ولربما يكون جوابك لا احد يصول ضد الاتحاد, لكن في الواقع, البريطانيوون صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي. هل كان الحدث عكس توقعات الاوروبيين؟ نعم. هل يتغير هذا القرار؟ لا. على الرغم من ذلك, هناك وقت طويل حتى يتم تنفيض هذا القرار ليس لفترة اشهر فقط بل قد يأخذ سنوات. اما الاعتبار الثاني فهو, من كان ليصوت لصالح انكماش الاقتصاد او العودة الى الركود والتباطؤ؟ الجواب القصير لربما لا احد, لكن الغالبية في المملكة المتحدة قد صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي. على الرغم من هذا, إلا ان الانكماش الاقتصادي او التباطؤ قد يأخذ وقتاً طويلاً, لكنه شيء قد يحصل بشكل كبير. هل من الممكن تجنب انكماش الاقتصاد؟ نعم. كيف؟ البنك المركزي البريطاني قد تدخل بالفعل في وقت مبكر بعد الاعلان عن نتائج التصويت مباشرة وفي الغالب ما سيتدخل من جديد خلال الفترة المقبلة كمحاولة لتجنب الوصول الى مرحلة الركود الاقتصادي. على الرغم من هذا, إلا ان التباطؤ قد ظهرت علاماته بالفعل.
انهيار الجنيه الاسترليني
بدأ الجنيه الاسترليني تعاملات العام الجاري قرب مستويات 1.49, اما اليوم فيتداول قرب مستويات 1.23. الشيء المفاجئ كان مدى تفاعل الجنيه الاسترليني مع الاعلان عن نتائج التصويت للخروج من الاتحاد الاوروبي. ومن الممكن ان نقول ان التفاعل قد كان كارثي. بالتأكيد كان من المفترض ان ينخفض الجنيه الاسترليني امام جميع العملات العالمية بعد الاعلان عن التصويت وقرار الشعب بالخروج من الاتحاد الاوروبي, لكن الانخفاض الحاد الذي شهده الجنيه الاسترليني في وقت قصير هو ما كان تعبر مفاجئاً. كما ان المفاجأة الاكبر كانت يوم انهار الجنيه الاسترليني بشكل حاد جداً ودون سابق انذاء او اخبار, يوم السابع من اكتوبر الماضي, وهو ما ادى ايضاً الى فتح تحفيف من قبل البنك المركزي البريطاني. وبالمجمل, فقد خسر الجنيه الاسترليني اكثر من 20% من قيمته خلال فترة 10 اشهر فقط, لكن الانخفاض الاكبر لقيمة العملة كانت بعد الاعلان عن خروج المملكة من الاتحاد الاوروبي, حيث انخفض الجنيه في اسبوع واحد بواقع 4.7%.
الفدرالي الأميركي
استمر البنك الاحتياطي الفدرالي الامريكي بالقاء الوعد تلو الوعد بأن يقوم برفع اسعار الفائدة وطالما ما استعمل كلمة “قريباً” لكن الى الان, استطاع البنك الاحتياطي الفدرالي الامريكي ان يرفع الفائدة مرة وحدية ويتيمة الى الان في ديسمبر من العام الماضي. كما وان الاهم من ذلك, فقد قام البنك المركزي بوعد الاسواق ان يقوم برفع اسعار الفائدة العامة اربع مرات على الاقل خلال العام الجاري. على الرغم من هذا, إلا اننا الان في نوفمبر, ولم يقوم الفدرالي حتى برفع اسعار الفائدة بمرة وحيدة. هل سيستمر هذا الامر؟ غالباً نعم, لكنلا نعلم الى متى. علينا ان نراقب الارقام الاقتصادية ونتائج الانتخابات الامريكية لنحدد, لكن الانتخابات الامريكية للفدرالي تعتبر احد اهم العوامل التي سيبني عليها قراره التالي.
دوتشي بانك
بعد حوالي العشر سنوات من الازمة المالية العالمية, قرر القضاء الامريكي ان يتهم بنك دوتشي ويطلب منه دفه غرامة فاقت الـ14 مليار دولار اميركي, وذلك بسبب اتهام البنك بأنه قام بعمليات بيع وهمية لسندات مدعومة بالرهن العقاري. وهذا القرار ادى الى هز البنك بشكل كبير حيث انخفض سهر السهم الى ادنى مستوى في تاريخ البنك, ومن المطلوب حالياً ان يتم خفض الغرامة بشكل سريع كمحاولة من اعادة الثقة في اكبر بنك الماني. الشيء الاكثر مفاجأة كان من الحكومة الألمانية والتي اعلنت رفضها مساعدة البنك من الناحية المالية بشكل قطعي. وهذا القرار يضع النظام المالي العالمي بشكل عام في حالة من الخطر, اي نعم ان هذا البنك هو اصغر من كبار البنوك في وول سريت كبنك جي بي مورغان وسيتي جروب. لكن لهذا البنك علاقات روابط في التداول مع كل دول العالم تقريباً بالاضافة الى المؤسسات المالية ايضاً, حيث ان صندوق النقدي ذكر ان هذا البنك حالياً يعتبر اكبر المخاطر التي تهدد النظام المالي العالمي.
ماذا بعد؟
الانتخابات الامريكية على الابواب, حيث انها تبعد عنا حوالي ساعات قليلة, والاحتمالات متقاربة جداً بين المرشحين. في كل الاحوال, التاريخ سيكتب في هذه الانتخابات. في ما لو نجحت هيلاري في الوصول الى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية, فستكون هي اول امرأة تصل الى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. اما في ما لو وصل دونالد ترامب الى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية, فسيكون اول رئيس ورجل اعمال ذو خلفية عنصرية واضحة في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية. وبما أن هذا العام هو عام المفاجآت, التوقعات الى الان تشير الى تقدم هيلاري كلنتن على دونالد ترامب, لكن لن اكون متفاجئ في ما لو اتت النتائج عكس التوقعات تماماً وان يصل دونالد ترامب الى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية هذا الاسبوع.
