مكتبة التداول

الإسترليني وتحديات البريكسيت

0

قبل عامين أربكت المملكة المتحدة جميع المشاركين في السوق عن طريق التصويت لمغادرة الإتحاد الأوروبي, وتوقع العديد من الإقتصاديين أن يؤدي هذا القرار إلى الركود. دعونا نكون واضحين جداً حول هذا فأن البريكسيت ليست جولة غامضة بل سحرية بالنسبة لبريطانيا كي تتجه نحو مستقبل جديد ومشرق خارج أوروبا.

لكن مع تعمق خلاف البريكسيت يبدو أن بريطانيا مصممة على الدخول في كارثة سياسية وإقتصادية وإجتماعية قومية. حيث تشير كل الدلائل إلى تجريد بريطانيا من علاماتها المميزة كدولة صناعية حديثة وناجحة, وأن الإقتصاد أصغر عما كان يمكن أن يكون مع خسارة في الإنتاج تبلغ حوالي 275 مليون جنيه إسترليني أسبوعياً وهذه التكلفة ستزداد مع مرور الوقت.

إدخار الأسر

السبب الأكبر الذي جعل المتنبئين يخطئون هو أنهم لم يستهانوا بالقدر الذي كان مستهلكون المملكة المتحدة يرغبون في إستمراره في صرف النقد حتى عندما تقلصت قوتهم الشرائية. لم تشتري الأسر فقط التحذيرات من أن البلاد على وشك أن تصبح فقيرة بشكل دائم. فبدلاً من توفير المزيد أنقذت الأسر أقل بكثير لتمويل إنفاقها, وتشير التحليلات إلى أن معدل إدخار الأسر الآن أقل بكثير من مستوى توازنه.

  • إنخفض معدل الإدخار بشكل حاد بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي

النمو

من المرجح أن تؤدي أي نتائج لخروج بريطانيا من المملكة المتحدة خارج السوق الموحدة إلى تدفقات تجارية أضعف في السنوات القادمة الأمر الذي سيؤثر بدوره على نمو الإنتاجية. كما يبدو من المؤكد إلى حد كبير أن الهجرة سيتم كبحها. تشير التوقعات أن المملكة المتحدة قد تحصل على صفقة للهجرة على النمط الكندي, ويتم تخفيض الهجرة بمقدار 100 ألف شخص سنوياً.

وهذا يجعل الإقتصاد أقل بقليل من 5٪ بحلول عام 2030.  فإذا كان الإقتصاد أقل بكثير اليوم فسيكون إنتاجه مليارين جنيه في الأسبوع على الأقل. بينما يشير سيناريوهات وكالة بلومبرج لخروج بريطانيا بإن التكلفة بحلول عام 2030 قد لا تتعدى 7٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً. بإختصار كان النمو في المملكة المتحدة خلال العامين الماضيين متوسطاً للغاية وفقاً للمعايير التاريخية والدولية على حد سواء, ولكنه تجاوز معظم التوقعات التي تم تقديمها وقت إجراء الإستفتاء بفعل بعض الهامش قد يكون خبر سار.

  • توقعات النمو على المدى الطويل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

التحديات السياسية

قد يكون لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي نهاية سعيدة, ولكن من المحتمل أن يكون هناك عرض رعب في ظل الخلاف السياسي الحالي. حيث يبحث كلاً من وزير التجارة ليام فوكس ووزير الخارجية بوريس جونسون وسكرتير البريكسيت دافيد ديفيز على أفضل الطرق للخروج من أوروبا. فبدلاً من التوصل إلى إجماع هناك إقتتال داخلي واسع وتفاصيل شائنة حول تهديدات ديفيز بالإستقالة.

ومن المقرر أن تخرج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي في 29 مارس, ولكن المحادثات عالقة بشأن شروط الإنفصال ولم تبدأ أي مناقشات جادة بشأن نوع الترتيبات التجارية التي سيجريها الجانبان في المستقبل. حيث تكافح رئيسة الوزراء تيريزا ماي لبناء توافق في الآراء داخل وزارتها حول نوع النموذج الجمركي والتجاري الذي يقترحه الإتحاد الأوروبي.

لقد وعدت بمزيد من التفاصيل في خطة من 150 صفحة سيتم نشرها الشهر المقبل, ولكن يجب عليها أولاً كسب دعم كبار وزرائها. ووفقاً لأشخاص مطلعين قد دعت رئيسة وزراء المملكة المتحدة تيريزا ماي إلى إجتماع بالأسبوع القادم لوضع اللمسات الأخيرة على الورقة البيضاء التي ستصدر في التاسع من يوليو. بينما تتوجه ماي إلى قمة قادة الإتحاد الأوروبي يوم الخميس والتي من المقرر أن ينتقدها نظرائها الأوروبيون بشأن التقدم البطيء للمفاوضات.

التحديات الإقتصادية

إن تحذيرات الشركات بشأن المخاطر الصعبة التي تواجهها بريطانيا مع الإتحاد الأوروبي هي أقل إثارة للخوف من الإدراك القوي لما يمكن أن يلوح في أسوأ السيناريوهات, وسيكون لتآكل القاعدة الصناعية في بريطانيا بالإضافة إلى خسائر كبيرة في الوظائف وتأثير سلبي كبير على عائدات الضرائب في المستقبل في وقت تعاني فيه بريطانيا من ضغوط شديدة إلى عجز أعمق. حيث ستكون هناك فرصة ضئيلة للهروب من قبضة التقشف دون تغيير كبير في سياسة المملكة المتحدة المالية.

وهذا الشهر أعلنت شركة السيارات الرائدة في بريطانيا جاكوار ولاند روفر ومكلارين عن عزمها على تحويل تحويل بعض إنتاجهم خارج المملكة, وفي الأسبوع الماضي هددت إيرباص في أوروبا بالإنسحاب من إنتاج الطائرات البريطانية بسبب مخاوف من عدم التوصل إلى إتفاق جمركي وتجاري بشأن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. أيضاً في الأيام القليلة الماضية إنضمت شركة بي أم دبليو و شركة سيمنز الألمانية إلى النزاع, وقد يتحول الإندفاع المتزايد نحو الخروج الصعب الوشيك إلى تعريض الملايين من الوظائف في المملكة المتحدة للخطر.

وقد إمتدت هذه المشكلة إلى صناعة الخدمات التي تعتبر حتى الآن المحرك الأكبر للنمو الإقتصادي, وحذرت المجموعة التي تضم أعضائها HSBC و BT Group Plc و Deutsche Telekom AG من أن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بشكل سيئ يخاطر بالإضطراب الكبير وأنه من غير المرجح أن تكون فترة الإنتقال التي تبلغ 21 شهراً طويلة بما فيه الكفاية.

إن حكومة المملكة المتحدة تعاني من الفوضى في حكومة رئيس الوزراء تيريزا ماي التي تخاطر ببطء بإختناق إستثمارات لشركات صناعة السيارات التي تبعث على اليأس بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي, وهذا قد يؤدي إلى إستنزاف صناعة تمتلك قرابة 10% من إقتصاد المملكة المتحدة. مع ذلك, لا تستطيع الحكومة أن تتجاهل تلك المخاوف حيث من المقرر تلقي ماي خطاباً أمام عمالقة الأعمال مثل توني ووكرالمدير العام لشركة تويوتا موتور أوروبا في لندن وهم على إستعداد لمنحها المزيد من الوقت.

Leave A Reply

Your email address will not be published.